الجمعة، 11 يوليو 2008

الراحل ... القاعد ..!!


بسم الله الرحمن الرحيم

الراحل القاعد

اتى الشعر العربي على ذكر الرحيل كثيرا في ثنايا ه , واكثر الشعراء في ذكر الرحيل والراحلين منهم من امتدح ذلك ومنهم من تحسر وبكى رحيل الاحبة ومنهم من وقف على الاطلال يتذكر الراحلين , فامرىء القيس اول من وقف على اطلال الراحلين في شعره كما ذكر النقاد والمؤرخون وقد استهل معلقته المشهورة بذلك فقال :

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ............... بسقط اللوى بين الدخول فحومل

وكان من الشعراء من دعا الى الرحيل والتنقل في ارجاء الأرض فقال احدهم الابيات المشهورة :

وسافر ففي الاسفار خمس فوائد ............

وحين رحل ابن زريق وفي البعد تذكر الاحبة قال قصيدته المشهورة التي قال فيها:

استودع الله في بغداد لي قمرا ......... في الكرخ من فلك الازرار مطلعه

اما شاعر الغزل عمرو بن ابي ربيعة فقد قال الكثير عن الرحيل ووقت الوداع فهو ممن كان يتغزل في القادمات الى مكة في المواسم وسرعان مايحين الرحيل فيبدأ التأسف على سرعة المغادرة والتأوه على وداع الحبيب .
وقد أتى شاعر العربية المتنبي بمعنى جديد مختلف عن الرحيل ومن هو الراحل حيث قال :

اذا ترحلت عن قوم وقد قدروا ........................ الا تفارقهم فالراحلون هم

فالراحل من وجهة النظر تلك ليس المسافر ولكنه الآخرحتى وان لم يغادر ..
وهذا يذكرنا برحلة من نوع آخر وهي الرحيل دون سفر ودون انتقال في المكان ولكنه انتقال في الحالة , فهل خطر ببال احد ان يرحل وهو قاعد ؟قد يقول قائل ان البعض يرحل وهو قاعد وذلك حين يركب السيارة او الطائرة او غيرها من وسائل النقل , الا انه في هذه الحالة حتى وان لم يمشي على رجليه فهو ينتقل بالحركة من مكان الى مكان .

ان مانقصده هنا في هذا المصطلح هو انتقال المسافر وهو جالس في مكانه , في بيته , في ديرته فجأة الى مكان آخر .
وهذا يحدث في حالات منها عالم الأحلام سواء احلام النوم او اليقظة ففي النوم وخلال ثوان معدودة يرى الإنسان نفسه في أماكن بعيدة وفي حالات مختلفة , وهناك رحلة لابد منها لكل منا شئنا أم أبينا وهي رحلة الموت والانتقال للدار الآخرة فكل منا صغير وكبير ينتظر دوره في تلك الرحلة التي ستنقلنا من الدنيا الى عالم الآخرة , منا من يرحل مضطجعا في فراشه ومنا من يرحل وهو جالس بين أهله أو اصدقائه وفجأة يغادرهم دون مقدمات ودون مرافقتهم له , ليس للانسان اختيار الزمان او المكان لهذه الرحلة , يرحل راغما دون رغبة ( ومن منا له الاختيار ؟ ومن منا له رغبة الرحيل ؟ ) , حين يأتي ذكر الموت نرى كل يستعيذ منه ويحاول تجنب التفكير بانه ميت لامحالة مع علمه بذلك , ولو قيل لاحد ان ابنه سيموت لطلب منه ان يتفاءل بالخير وكأن الانسان سيخلد في الدنيا وهذا لن يكون .
وختاما /هل نحن مستعدون لهذه الرحلة؟
اللهم انا نسألك المغفرة و العفو والعافية .

كتبه / ابن خرمان
الثلاثاء 16/2/1428هـ الموافق 6/3/2007م .

هناك 4 تعليقات:

  1. جزاك الله خير على الموعظة.

    ننسى الرحيل الأبدي مع اللهاث وراء المصالح.

    ردحذف
  2. احسنت

    اسجل شكري

    ردحذف
  3. قلت فأحسنت القول , وكتبت فأنعم بها من كلمات , قرأنا في ثناياها الحكمة والمتعة والأحداث في الرحيل وقبله وبعده , وكانت الخاتمة مسكٌ يعطر أجواء هذا النص المعطر بأنفاس المؤمن الذي لاينسى ربه ولا الاستعداد ليوم الرحيل...

    حفظك الله ورعاك وأدام لنا مثل هذا القلم الذي يذكرنا إذا نسينا.

    التحية لمقامك والشكر لجهدك . وفقك الله

    ردحذف
  4. بسم الله الرحمن الرحيم

    اشكر جميع الأخوة الذين مروا على هذه المونة , وتجشموا عناء التعليق الذي زادني شرفا , واضاف لمدونتي المتواضعة وهجا .

    ردحذف