بسم الله الرحمن الرحيم
تتسارع الأحداث فما يكاد ينتهي حدث حتى يعقبه آخر , وتتجدد الأحزان فما أن يبدأ الإنسان في استيعاب حزن حتى يفاجئه آخر يلجمه ويصيبه بالدهشة التي تسبب توقف التفكير لديه وتعجزه الكلمات والتعابير .
لم يمر اسبوع من الحادث الشنيع الذي أصاب الأصدقاء من قرية ( بحرة ) حتى فجعنا بفقد رجل كان ملء السمع والبصر وهو الشيخ ( عبدالله بن سليم ) رحمه الله تعالى ورحم جميع موتى المسلمين.
ليست وفاة عبدالله بن سليم مما يستطيع الانسان استيعابه ( مع اعترافنا وايماننا ويقيننا أنه لايدوم الا الله تعالى ) .
لم تكن وفاة عبدالله بن سليم ( رحمه الله ) خسارة على أهله وأقاربه فقط بل كانت خسارة على زهران كافة وقبائل الجنوب عامة , وخسارة على كل من عرفه .
ذكرت في بداية الكلام أن الحدث يصيب الشخص بالعجز عن التعبير وتسطير المشاعر وماقلته كان صحيحا فالكلمات تتعثر ويشح الذهن بايجاد التعبيرات المناسبة لطرح المشاعر والأفكار.
عبدالله بن سليم ( رحمه الله ) كان ذلك الرجل الذي نشأ في بيئة قاسية ربته على تحمل المشاق منذ نعومة اظفاره , ثم انتقل الى مكة المكرمة ليلتحق بخدمة الوطن مدة تقارب نصف قرن .كان ( رحمه الله ) قدوة في عمله , مخلصا في ادائه , وفيا لحكومته.
لم يكن عبدالله بن سليم ممن يتهاون في اداء العمل أو ممن يقبله كيفما اتفق , بل كان لايقبله الا متقناً , وكان لديه الاستعداد في تعليم وتوجيه من يحتاج اليه , لايصيبه الضجر والملل من ذلك .
كان من شدة اخلاصه لعمله قليل الطلب للإجازات , فلم يكن تواقاً لترك عمله.
كان مقداماً لايتردد في اتخاذ القرار بحزم حيث كان من نوع الناس الذي يؤثر في الأحداث ويعيد صياغة النتائج , ولم يكن من النوع الذي تؤثر فيه الأحداث ويستسلم لها.
امتلك صفات القائد الحازم, العادل, الجريء, المقدام ,الشجاع , المبدع , في عمله ومع اصدقائه وبين جماعته .
اضافة الى اخلاصه ووفائه لعمله كان عبدالله بن سليم ( رحمه الله ) الملجأ بعد الله لأبناء زهران وابناء قبائل الجنوب عامة ولمن يحتاجه من غيرهم .
قام بمساعدة اعداد كبيرة من الناس سواءً كانت في الحصول على وظائف وفرص عمل ( دون الاخلال بالأمانة ومصلحة الوطن ) أم كانت مساعدات شخصية , وكأنه ممن عناهم الشاعر بقوله :
وان أفضل مابين الورى رجلا .... تقضى على يده للناس حاجات
كان رحمه الله محباً لجماعته , وفياً , مسانداً وداعما لهم , يسعى الى جمعهم وتآلفهم , يصلح بين المتخاصمين , صريحاً لايتردد في قول كلمة الحق والمجاهرة بها .
كان رحمه الله شديد البر بوالديه , عطوفاً عليهما , اجتهد في ارضائهما حتى وفاتهما ( عليهم جميعاً شآبيب الرحمة والمغفرة ) , يتفقد مواضع برهما ورضاهما ويقوم بها.
كان رحمه الله مع أهله وأخيه وأخواته وأبنائهم نعم الوالد الناصح العطوف , لم يكن يحمل في نفسه كبراً عليهم , بل كان يسعى الى التودد لهم والعمل لرضاهم وارضائهم.
هكذا كان رحمه الله وأسكنه فسيح جناته ورحم أموات المسلمين..
حضر الصلاة عليه في الحرم المكي بجوار الكعبة المشرفة جمع غفير , وصلى عليه في مقبرة الشرائع بمكة المكرمة عدد كبير لم يتمكنوا من ادراك لصلاة بالحرم.حضر الدفن أعداد كبيرة من الناس منهم عدد من كبار السن الذين لايستطيعون المشي الا بمساعدة آخرين إلا انهم حضروا لوداع عزيز عليهم .
لاأنسى نظرات الدهشة والحزن في عيون المعزين سواءً الحاضرين الدفن أو الذين أتوا الى البيت , ولاأنسى بكاء رجال عليه من قبيلته ومن غيرهم .
لاأنسى كثرة المتصلين بأخيه وأبنائه وأقربائه ممن لم يتمكنوا من الحضور معزين ومواسين في الفقيد , ومعتذرين عن عدم تمكنهم من الحضور .
هنيئاً له حب الناس وذكرهم له بالخير..
هنيئاً له دعاء الناس بالمغفرة والرحمة..
هنيئاً له فعل الخير الذي قدمه للناس..هنيئاً لأبنائه وأقربائه الذكر والسمعة الحسنة التي خلفها ..
رحم الله عبدالله بن سليم الزهراني وأسكنه فسيح جناته , ورحم جميع موتى المسلمين
..........................
انتقل الى رحمة الله فجر الاربعا ء تاريخ 28/6/1429هـ الموافق 2/7/ 2008م .
يذكر أن مولده كان سنة 1350 هـ تقريبا ( والله أعلم ).
وانا لله وانا اليه راجعون
مبدع دائمابن خرمان ,,
ردحذفسلمت اناملك .. وأطال الله في عمرك
عبدالله بن رمزي بن سليم