الأربعاء، 4 يناير 2012

وان تعاقبنا فكلٌ تسده ديرته ..

بسم الله الرحمن الرحيم

وإن تعاقبنا فكلٌ تسده ديرته



قال ابن خرمان :
الترحيب بالضيوف وحسن استقبالهم من شيم العرب التي أتى الإسلام متمماً لها ومؤكداً عليها, وفي أشعار القدماء ما خلد هذه الصفة الحسنة مثل قول حسان رضي الله تعالى عنه في قصيدته التي يمدح فيها الغساسنة :

يغشون حتى ما تهر كلابهم ..... لا يسألون عن السواد المقبل

ويقول الشاعر في حسن استقبال الضيف وإظهار البشاشة بوصوله :

بشاشة وجه المرء خير من القرى .... فكيف بمن يأتي به وهو ضاحك


قال ابن خرمان :
وشاعرنا الشعبي هنا لا يقل عمن سبقوه في الترحيب بالضيوف واستقبالهم خاصة إن كان الضيف جار وشريك ديار .. حيث يقول الشاعر ( احمد بن جمعان القلاصي الزهراني ) أثناء استقبال أهل عنازة في مناسبة زواج في بالحكم قرية الشاعر:

مرحبا ياداعريٌ نحبه من زمان

ترحيب وإظهار المحبة لهؤلاء الضيوف الذين يلقبهم ( بني داعر ) وهي داعية لأهالي قرية عنازة من بالخزمر .. ولكن هل المحبة التي أظهرها شاعرنا طارئة ؟!
والجواب بالتأكيد ليست طارئة فالمحبة قديمة أوضحها في قوله ( نحبه من زمان ) منذ القدم .. وللتأكيد على ذلك قال :

هرجتي ماهي نصوح

ليست مقولتي هذه مجاملة أو نفاق أو محاولة كسب ودٍ مؤقت وللتأكيد على ذلك أورد أنها ( ماهي نصوح ) ..
ثم يستمر شاعرنا في ذكر الأسباب لهذه المحبة المخصوصة لأبناء داعر فيشرح أن جميع الأمور التي تأتي من عنازة تفرض محبتهم فيقول :

يا عنازي منك جمع اللوازم كلها

واللوازم التي يعنيها الشاعر تجمع بين الرحم فكم من الأنساب والمصاهرات التي تمت بين أبناء بالحكم قرية الشاعر وبين أهل عنازة فهي تحتم المواصلة والمحبة .. والأمر الآخر الحلف فالأحلاف بين القرى والقبائل تعني أن عليهم الدفاع عن بعضهم البعض وحماية كلٌ منهم الآخر .. وأخيراً الجيرة وشراكة الأرض فالمزرعة بجنب المزرعة والدار بجنب الدار والحمى بجنب الحمى فالجيرة والمحافظة على حقوق الجار مما أوصى به ديننا الحنيف ومما كان يفتخر به العرب قديما وحديثا حيث قيلت الأشعار في مثل هذا ومما قيل :

وجارك محفوظ منيع بنخوة .... من الضيم لا يؤذى ولا يتذلل

قال ابن خرمان :
وشاعرنا جمع الأمور السابقة في بيت واحد وهو البيت التالي :

الرحم والحلف وفي الديار احنا شراكة

ولكن ماذا لو حصل ما يعكر صفو ما ذكر سابقا وساءت الأمور وتجاوزت خط الرجعة .. ترى ما الحل الذي يراه الشاعر ؟!.
إنه يرى وبكل عزة وأنفه وبكل احترام للآخر أن لو حدث ذلك فعلى كل من قبيلة الشاعر والقبيلة الأخرى الاكتفاء كل بما عنده وبأرضه ودياره وليس هناك من داع لأكثر من هذا , وليس من داع لتطور المشاكل لتتجاوز ذلك لأكثر .. فقال :

وإن تعاقبنا فكلٌ تسده ديرته

إنه الحل الذي لو طبقه الأفراد ما اعتدى أحد على آخر, ولو التزمت به الدولة لما قامت الحروب وقتلت الأنفس ودمرت الممتلكات.!

قال ابن خرمان :
أتمنى أن يكون قد حالفني التوفيق في إلقاء بعض الضوء على ما تحتويه أشعار العرضة الجنوبية من الحكمة إضافة إلى الإبداع في خلق الصور والتفنن في مجال الشقر الذي لا يستطيعه إلا من حباه الله هذه الموهبة .
رحم الله أحمد القلاصي ورحم أموات المسلمين .
وفيما يلي القصيدة كاملة بدعاً ورداً :

البدع :

حي الله سيل (ن) غزر في ديار الفيض حان
جار ورّاد النطوح
وإن مضى دوقة ومن كل ديرة قلها
ينقل الوبلة وقعدانها وحناش راكة
وإن غزر ع الصدر ما تطلع البن ديرته

الرد:

مرحبا ياداعري(ن) نحبه من زمان
هرجتي ماهي نصوح
يا عنازي منك جمع اللوازم كلها
الرحم والحلف وفي الديار احنا شراكة
وإن تعاقبنا فكل(ن) تسده ديرته




كتبه /
علي بن ضيف الله بن خرمان الزهراني
5 صفر 1433 هـ .

لا لنشر الرذيلة ياصحفنا .!

بسم الله الرحمن الرحيم

يتميز العرب منذ الجاهلية الأولى بالأخلاق الفاضلة والشهامة والغيرة وكان ذلك مصدر فخر
لهم ..
كان العربي يوأد ابنته لا كرها فيها ولكنه من خشية العار وخوفا من كلام الناس وكان الشعراء يتفاخرون بحفظ حقوق الجار وغض الطرف عن منازل الجيران فيقول الشاعر :
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي ... حتى يواري جارتي مأواها
ثم جاء الإسلام متمما للأخلاق الفاضلة ومحافظا عليها مع تنقيح ما في سلوك العرب من شوائب كوأد البنات وأوضح الطرق الكفيلة بتلافي ذلك.. فحافظ المسلمون على الأخلاق الفاضلة على مر العصور, ومع أن شعراءهم كانوا يتشببون بالنساء إلا أن ما اشتهر عنهم الحب العذري الذي يقول فيه شاعرهم:
وإني لأرضى من بثينة بالذي .... لو أبصره الواشي لقرت بلابله
بلا وبأ لا أستطيع وبالمنى .... وبالوعد حتى يسأم الوعد آمله
وبالنظرة العجلى وبالحول تنقضى .....أواخره لا نلتقي وأوائله

ومع هذا كان لا يرضى أحدهم تزويج ابنته من شخص تشبب بها وإن كان ابن عمها وقد يحدث قتال بين القبائل بسبب ذكر احدهم فتاة في قصيدة.. واستمر الحال على ذلك بل أن الغيرة والبعد عن السوء يقوى من جيل إلى جيل..
نعلم أن العين إذا اعتادت رؤية شيء غير اعتيادي تستنكره باديء الأمر ومع الوقت يصبح معتادا ولا يستنكر , وهذا ما نلمسه في الحروب والحوادث التي نشاهدها في أخبار التلفزيون حتى وصل الأمر أن أصبح القتل اليومي في العالم شيء عادي بالنسبة للمشاهد وقد يغير القناة إلى قناة بها أغنية أو فيلم أو مباراة دون أن يكترث بما شاهده من دمار , وكذلك الأمر في حوادث السيارات التي أصبحت معتادة يمر بها أحدنا ثم يجتازها وكأن شيئاً لم يكن ..
كنا في السابق نستنكر قيام بعض القنوات الفضائية ببث أفلام ومسلسلات بها فضائح وفجور لا ينطبق على مجتمعنا وكان العذر الدائم أن هذه القنوات تأتي من الخارج ويملكها أجانب واعتدنا على ذلك حتى أصبحت القنوات الفضائية التي يفترض أن تكون للعائلة العربية كما قال ملاكها قنوات لإفساد العائلة العربية .!
وكانت ثالثة الأثافي صحفنا الورقية التي تصدر من داخل السعودية وتحت مظلة وزارة الثقافة والإعلام تنشر لنا يوميا أخبار الفسق والفجور حيث تنشر أخبار الفساق من المشاهير عن قيام فلان بالزواج من صديقته التي خلف منها كذا من الأبناء , أو فلان قامت بالانفصال عن صديقها بعد أن قضت معه كذا سنة , وفلان وفلانة الصديقان منذ عدة سنوات قررا أن يتزوجا بعد أن خلفا كذا من الأبناء ..
أصبحت مثل هذه الأخبار في صحفننا وللأسف الشديد وجبة يومية لا تكاد تخلو منها صحيفة ورقية ..
إنهم إن كانوا مشاهير فشهرتهم لهم وفي مجال معين لا مجال الصداقة والزنى , ومتابعة مثل هذه الأخبار لا تعني إلا نشر الرذيلة لتعتادها عيوننا وتصبح مع الوقت شيئا عادياً ..
إننا ننادي ونصرخ بصوت عالٍ ونقول يا رؤوساء تحرير صحفنا السعودية احترموا مشاعرنا فنحن مسلمون وأنتم في بلد مسلم , ونقول يا وزارة الثقافة والإعلام أحمونا من نشر هذه الرذيلة وامنعوا الصحف من نشر أخبار الزناة وزناهم تحت أنظارنا وتعويد أبناءنا على هذا الفسق .. كفى نشر الرذيلة .

والله المستعان .

نشر في صحيفة مكة الالكترونية بتاريخ 30-12-2011