الأحد، 26 فبراير 2023

إلى رحمة الله يا عطية ..

 بسم الله الرحمن الرحيم


إلى رحمة الله يا ( عطية )

 

فوجئ جماهير العرضة الجنوبية وشعراؤها يوم الجمعة 24 فبراير2023م الموافق 3 شعبان 1444هـ بخبر وفاة الشاعر الكبير ( عطية بن صالح السلطاني الزهراني ) رغم علمهم بمعاناة الشاعر منذ عدة أسابيع سبقت وفاته ودخوله المستشفى ثم خروجه منه ، ولم تكن مفاجأتهم إلا بسبب ما للشاعر من حضور عند الجميع وما في قلوبهم له من التقدير..


الشاعر عطية السلطاني أو السوطاني كما يحلو للبعض تسميته منذ بداياته التي ربما تجاوزت الثلاثين عاماً وهو في عين الحدث فعندما يحضر حفلة تكون الأنظار متجهة إليه والأسماع تنصت لما  سيقوله هذا الشاعر الذي يغلب عليه طابع الاعتزاز بالنفس وتمتاز قصائده بالوضوح رغم أن محاورات شعر الشقر تتسم بالرمزية وما يسمى ( الخبو ) لكن عطية لم يكن يعجبه هذا الأمر ولا يبالي به فمع أي استفزاز من الشاعر المقابل تجده يتحول إلى الهجوم القوي اللاذع دون مبالاة بما قد يحدث جراء هذه المحاورة وكأنه ينطلق من قول حسان رضي الله عنه:

لساني صارم لا عيب فيه ** وبحري لا تكدره الدلاء

وهذا سبّب الكثير من الإختلاف بين جماهير العرضة فمنهم من يؤيده ويقف معه بل ويدعمه على صراحته ووضوحه ويطالبه بالمزيد بينما يقف مجموعة ضد هذا التوجه مطالبين بأن يتوقف مثل هذا الحوار المكشوف بين الشعراء ، وقد حاول عدد من الشعراء الجدد استفزاز الشاعر عطية لعلمهم أنه سيواجههم وبهذا تزداد شهرتهم وقد سبقهم في هذا الفعل شعراء منهم الشاعر بشار بن برد عندما هجا جرير بأشعار قائلاً: لو هجاني جرير لكنت أشعر الناس .

هكذا كان الشاعر عطية رحمه الله شجاعاً مقداماً واضحاً لا يقبل الذلة ، وكان في المقابل الشعراء الذين حاورهم وتوقع الجمهور أن بينهم عداوات ومناكفات أول من نعى الشاعر وحضر عدد منهم الصلاة والدفن , وكتب العديد منهم ومن جميع القبائل التعازي في وسائل التواصل الاجتماعي فقد شاهدنا تغريداتهم والحزن بادٍ في كلامهم ، بل أن بعضهم ألغوا ارتباطاتهم الشعرية لبعض المناسبات والبعض الآخر أجبرته الإرتباطات المسبقة والعلم المتأخر عن الوفاة أن يقول قصيدته في تلك المناسبة بطريقة رثائية لا فرائحية مذكرين بعظم المصاب .

قال ابن خُرمان:

نظراً لشدة محاورات الشاعر وقوتها وتتبع جماهير العرضة لها قل اهتمامهم بما قاله من القصائد الجميلة حيث أن له عدداً كبيراً من القصائد في الوطن و الفخر والترحيب والتسليم والحكم وغيرها والتي نتمنى أن يقوم أحد محبي الشاعر بتتبعها وتوثيقها في كتاب ، ولعلي في مقالي هذا أكتفي بهذه القصيدة التي قالها تشرح حال الناس في هذا الزمن المتأخر فيقول:

يا عرب كل عام يمرنا العيد ما كنه بعيد

الكراهية والبغضا وعدم التواصل والقطاعة

وانعدام المودة و الصلة و العوايد والعُرب

وانحطاط المبادئ والقيم والشيم في مجتمعنا

عاد ما في قلوب الناس رافه ولا فيهم ضمير

لا بسين الثياب البيض و قلوبنا فيها سوادي

ليت هندامنا الأبيض يستر سواد قلوبنا

مر يا عيد مثل العام ما كنك الا يوم عادي

غير يا عيد سامحنا وحنا نقول مسامحين

العرب صفهم مقسوم والعيد ما هو عيدنا

 

ختاماً:

لم يكن عطية السلطاني رحمه الله تعالى شاعراً عادياً منذ بدايته إلى نهايته , ولم تكن وفاته عادية عند الناس جميعاً وليس لنا جميعاً إلا الدعاء بأن يشمله الله برحمته وعفوه ويسكنه الجنة ووالدينا ومن له حقٌ علينا .

والحمد لله رب العالمين.

 

كتبه /

علي بن ضيف الله بن خُرمان الزهراني

الدمام

25 - 2 - 2023 م الموافق 4-8-1444 هـ.

.................




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق