الخميس، 31 ديسمبر 2015

دور المواطن في الميزانية

صدرت بفضل الله ميزانية الدولة هذا العام ( ٢٠١٦ ) ولم تكن بالسوء الذي صورته التقارير الدولية وبعض المرجفين الكارهين رغم مايمر به الوطن من الظروف السيئة من حيث إنخفاض سعر البترول والضغوط الاقتصادية المصاحبة لهذا الانخفاض، والأحداث والقلاقل في دول الجوار، والحرب المفروضة في اليمن لدعم الشرعية والتخلص من التدخل الفارسي في الجزيرة العربية والذي وصل حد تهديد المملكة، ومحاربة الإرهاب الذي وصلت شروره كل بقعة ، إضافة إلى الدور القيادي والهم الذي تحمله المملكة للمحافظة على تماسك وقوة الدول العربية والإسلامية .
كل هذه المعطيات تحتم على المواطنين الوقوف مع قيادتهم في دعم مسيرة التنمية والمحافظة على الوحدة الوطنية ، ولنتذكر حديث المصطفى صلى الله عليه وآلة وسلم الذي ورد فيه : ( ورجل بايع إماماً لا يبايعه إلا لدنياه فإن أعطاه منها رضي وإن لم يعطه منها سخط ) .
ولعلنا هنا نعطي مثالاً واحداً عن إيجابية المواطن ودوره في دعم الميزانية والمحافظة على المنجزات التنموية فالبلديات تقوم بتجهيز المنتزهات وأماكن الترفيه والحدائق لمصلحة المواطنين وهذا يصرف من الميزانية ودور المواطن هنا المحافظة على نظافة هذه الأماكن وعدم إساءة استخدامها أو إتلافها حيث أن صيانتها ستكون من الميزانيات القادمة وعلى حساب مشروعات أخرى .. ومن الجميل التذكير بما شاهدناه من صور جميلة عن الحدائق التي جهزتها بلدية المندق في الخلب .!
وهذا ينطبق على كل الممتلكات الحكومية من مبانٍ وسيارات ومعدات ومكاتب وغيرها مما لا يمكن حصره من حيث حسن استخدامها والمحافظة عليها وتذكير المخالف ومنعه من إساءة استخدام ما هو حق لجميع المواطنين .. فالدور علينا جميعا لنقف صفاً واحدا بإيجابية في دعم الميزانية .. والله الموفق .

كتبه /
علي بن ضيف الله الزهراني


...........................
نشرت في صحيفة زهران الأالكترونية على الرابط :
http://www.zahran1.info/mqal/s/22/%D8%AF%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%B7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%B2%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9

الخميس، 17 ديسمبر 2015

مناسبة مجموعة حماة الوطن 1437 هـ - 2015 م .

مناسبة أقيمت في قاعة الجوسق بالدمام يوم الجمعة 8 صفر 1437 هـ الموافق 20 نوفمبر 2015 م .. احتفالا بأعضاء قروب حماة الوطن أقامها أعضاء القروب في المنطقة الشرقية ..
الشعراء ( رمضان السعدي الزهراني و أحمد الحرفي الزهراني )



الأحد، 13 ديسمبر 2015

مستشفى المندق والمصير المجهول ..!


غمرت الفرحة الكبيرة أبناء شمال منطقة الباحة خاصة أبناء محافظة المندق إلى بني مالك شمالا عندما بلغهم خبر موافقة الحكومة الرشيدة على توسيع المستشفى وزيادة الطاقة الاستيعابية لمستشفى المندق لتصل إلى مائتي سرير بدلاً عن المستشفى الذي أنشيء منذ أكثر من ثلاثين سنة والذي كانت طاقته الإستيعابية بالكاد تصل خمسين سريراً مع نقص كبير في تخصصات العيادات الخارجية مع الزيادة في عدد السكان والحاجة المستمرة لمراجعة المستشفى ..

زادت الفرحة لدى سكان المحافظة وتناقل الجميع أخبار قيام لجنة مشكلة من بعض الجهات المعنية في المحافظة مع إدارة الشؤون الصحية بالباحة بالبحث عن موقع للمستشفى المزمع إنشاؤه نظراً لسوء حالة موقع المستشفى الحالي وعدم ملاءمته لأي إنشاءات جديدة أو تطوير .. ولكم تناقل الناس البشائر باتفاق اللجنة على اختيار موقع باتجاه شمال المحافظة والذي سيخدم أبناء المحافظة وخاصة شمال منطقة الباحة والبعيد جداً عن مستشفى الملك فهد بالباحة حيث سبب ذلك البعد معاناة كبيرة لسكانها مماجعل بعضهم يضطر للسفر إلى منطقة مكة المكرمة لمعالجة مرضاهم بدلاً عن منطقتهم ..
لم تدم تلك الفرحة طويلاً حتى تداول الناس أخبارا ( نتمنى أن تكون إشاعات لا حقيقة ) مفادها التوجه لنقل مكان المستشفى المزمع إنشاؤه إلى جنوب المحافظة بدلاً عن شمالها .!
ويالغرابة هذا القرار إن صدقت تلك الأخبار ، فجنوب المحافظة هو الأقرب لمستشفى الملك فهد بالباحة وقد لا تستغرق الرحلة إليه أكثر من عشر دقائق بينما الجزء الأهم وهو شمال المحافظة يحتاج إلى زيادة عن نصف ساعة في الظروف العادية وساعات أثناء الضباب والأمطار ليتمكنوا من الوصول بمرضاهم للمستشفى .. وكان الأعجب من هذا قولاً نقل في صحف الكترونية مساعد المدير العام للشئون الصحية في الباحة للشئون الهندسية ( أن المستشفى لن يتغير مسماه ) وكأن المشكلة انحصرت في المسمى لا الموقع ، بينما لو أطلق عليه ( مستشفى الامير مشاري بالمندق ) لكان أجمل ..
نتمنى كما ذكرنا سابقاً أن أخبار نقل المستشفى إلى جنوب المحافظة غير صحيحة ، وإذا كانت كذلك فنلتمس من سمو أمير المنطقة والجهات المعنية إعادة النظر وحساب بعد المسافات عن شمال المحافظة وصعوبة الوصول للمستشفيات .. ومع هذا لا ننكر حق المحافظات الأخرى إنشاء مستشفيات تفي بحاجتهم ...
والله المستعان .
.......................
نشرت في صحيفة زهران على الرابط : 
http://www.zahran1.info/mqal/s/9

الخميس، 8 أكتوبر 2015

مها الشمال ..

مها الشمال


قال ابن خُرمان :

قصيدة اطلعتُ عليها للشاعر صالح جريبيع الزهراني
 ونستغرب ألا تكون للشاعر الشهرة التي يستحقها .. لكنه قد يكون قدر هذا الاسم فالشاعر ( جريبيع بن صالح الزهراني ) رحمه الله لم ينل الشهرة التي يستحقها والتي ذهب بريقها لابن ثامرة رحمه الله حينها رغم استحقاقه لها كما استحقها ابن ثامرة .!
لنعد للقصيدة التي كانت أحد عشر بيتاً تجاري دواوين عشق كاملة .. فكل بيت من أبياتها عن قصيدة , ثم إن ستة أبيات منها أي أكثر من النصف يبتدئها بأن يكون فداء للحبيب..
بدأ شاعرنا القصيدة بكلمة ( يقولون ) وكم صدق القائلون وكم كذبوا.!
وكم قال الشعراء عن يقولون , فالمجنون قال :
يقولون ليلى بالعراق مريضة
وكثير يقول :
يقولون جاهد ياكثير بغزوة
وغيره قالوا .. ولننظر ماذا قال شاعرنا ابن جريبيع عنهم :
يقولون ان شَعرك يامها فوق المتن شلاّل 
إذن كانوا يمتدحون شعرها الفاحم المنسدل على متنها كشلال يشوق النظر.. ومع هذا لم يرق الوصف لشاعرنا ولكنه وصفه وصفاً مختلفاً .. إنه غيمة .. وهنا كان الجمال في هذه الغيمة المرتفعة والقادمة من الشمال :
وانا اقول ان شعرك يامها غيمة شماليه
ثم يأخذ بنا مجالاً آخر فيطلب منها أن تفرش هذا الشعر بساطاً أو لنقل حريراً لينعم برضاب من شفتيها فيقول :
طلبتك تفرشينه ودي اتقهوى معك فنجال ...
مبهّر بالرضاب ودلته شفة خياليّه
قال ابن خرمان :
هل كان شاعرنا يشعر بما كان يشعر به جميل بن معمر من عذوبة ريق الحبيبة حين قال :
ألم تعلمي ياعذبة الريق أنني .. أظل إذا لم ألق وجهك صاديا
ثم يقول ابن جريبيع :
حمست الصبر في جمرة خدودك واحترق رجال ...
ومن نار اشتعالي منك سويت احتفاليه
نحرت الهم لعيونك وعلقته بدون حبال  ...
وعزمت سنين عمر ضاع في بحر المثاليه
قال ابن خُرمان :
حمس الصبر .. صبر الانتظار.. في جمرة الخدود .
شبه الشعراء الخدود وحمرتها بالورد والتفاح وقد قال الوليد بن يزيد من قبل :
وأمطرت لؤلؤاً من نرجس فسقت .. ورداً
أما خالد الفيصل فكان يخشى من وهج الشفايف يحرق ورود الخدود فيقول :
أخاف من واهج شفاياك يزداد .. يحرق ورود الخد واهج سناها
أما ابن جريبيع تجاوز ذلك إلى أن رأى في الخدود جمرة اشتعل بملامسته لها لكنه جعل الاشتعال احتفالاً فنحر الهم وعلقه بل وعزم كل السنوات الماضية من عمره متخلياً عن المثاليات التي أحرمته لقاء الحبيب .!
وهل هناك مثالية أجمل من لقاء الحبيب ؟!..
ثم يواصل وصف المنظر في خيمة العشق المكونة من أهدابها :
وعلى جال العيون وخيمة اهدابك سهرنا طال ...
 ووجهك يامها برقٌ تلالا من حواليه
قال ابن خرمان :
تلك الأهداب التي صنعت خيمة لجلسة الحب تذكرنا بقول بدر بن عبدالمحسن :
راعي العيون السود في رمشها فيّ
أما ابن جريبيع كان سهراناً  في ظل غيمة الشعر ووجه مها كالبرق بل هو البرق في تلألئه وكم يقرب هذا الوصف من قول الشاعر :
أبيض كالبدر أو كما يلمع البارق في حالك من الظلم
أو قول الآخر:
رنا قمراً في جنح ليل من الشعر .. فلم أدر ضوء البدر أم غرة الفجر
وينتقل بنا الشاعرابن حريبيع إلى الجزء الثاني من القصيدة والذي يبتدئ أبياته بفداء الحبيبة بأوصافها ..
فالنظرة النجلاء , والعين الكحلاء التي ليست بحاجة إلى كحال وكأنها من عناه جميل بقوله :
لها مقلة كحلاء نجلاء خلقةً
فيقول ابن جريبيع :
فديت النظره النجلا وعين ماتريد كحال ...
فديت البسمه اللي كنها لوحه جماليه
فديت الغرّه اللي تختفي وتبان تحت الشال ...
تطير مع الهوا وترد لسيوف هلاليه
بعد النظرة النجلاء والعين الكحلاء والتي تسلب لب العاشق ينتقل بنا إلى البسمة التي رسمت لوحة جمالية على محياها .. ولك أن تتخيل أي لوحة ؟! وكيف رسمت ؟!
ويعود بنا مرة ثانية إلى الخد الذي كان جمرة لكن هنا يستحق الفداء .. فمن ينادي بلهفة للبوس والقبل يستحق ذلك.. وخشية من جفوة قد تحدث إن لم يسارع إلى إطفاء لهيب جمره بقبلة عاشق .!..
أما الصوت فلولم يكن له ذلك التأثير لم يقل بشار عنه :
والأذن تعشق قبل العين أحيانا
وشاعرنا هنا يرتجل قصائد الحب ليسمعها بصوت الحبيبة :
فديت الخد لا نادى من اللهفه وقال تعال ...
ترى لو ما تبوس الحين بازعل منك تاليّه
فديت الصوت لاغنّى على لحن الهوى موال ...
وانا اكتب له قصايد حب وابيات ارتجاليه
ثم ينتقل الشاعر إلى استكمال الوصف وكأننا نرى ما يحدث .. فالقد الذي يذوب بين اليدين من العشق ويميل حتى ينتقل بين اليدين دون شعور وما على الشاعر إلا ملاحقته خشية الذوبان يمنة ويسرة .!
فديت القد لا من ضمّته يدّي وذاب ومال ...
ولا تعرف يميني كيف حول في شِماليه
يختم الشاعر بأنه فداء لأهل الحبيبة ولكل ما له علاقة بالحبيبة وبأرض الشمال التي أنجبت مها الشمالية وكأنه يذكرنا بقول الشاعر:
بنفسي وأهلي من أرى كل ليلة .. 
فديت اهلك فديت خطاك يومٌ شفتها تختال ...
فديت ارض الشمال اللي انجبت مثلك شماليه
قال ابن خرمان :
تغنى الشعراء بالشمال من قبل فجميل يقول :
أيا ريح الشمال أما تريني ... أهيم وأنني بادي النحول
أما شاعرنا صالح بن جريبيع فقد نقل الشمال وحب الشمال إلى وجداننا بقصيدته التي جعلنا نعيش أجواء لقائه ب ( مهاه الشمالية ) .. وليعذرني القارئ إن سببت للقصيدة تشويهاً بمداخلاتي عليها فلست إلا محباً للأدب وأهله .

مع تحيات /
علي بن ضيف الله بن خرمان الزهراني
الخميس 25 ذي الحجة 1436 هـ الموافق 8 اكتوبر 2015 م .

...................

 مها الشمال

يقولون ان شَعرك يامها فوق المتن شلال  ...
وانا اقول ان شعرك يامها غيمه شماليه
طلبتك تفرشينه ودي اتقهوى معك فنجال ...
مبهّر بالرضاب ودلّته شفّه خياليه
حمست الصبر في جمرة خدودك واحترق رجال ...
ومن نار اشتعالي منك سويت احتفاليه
نحرت الهم لعيونك وعلقته بدون حبال  ...
وعزمت سنين عمرٍ ضاع في بحر المثاليه
وعلى جال العيون وخيمة اهدابك سهرنا طال ...
ووجهك يامها برق تلالا من حواليّه
فديت النظره النجلا وعين ماتريد كحال ...
فديت البسمه اللي كنها لوحه جماليه
فديت الغره اللي تختفي وتبان تحت الشال ...
تطير مع الهوا وترد لسيوفٍ هلاليه
فديت الخد لا نادى من اللهفه وقال تعال ...
ترى لو ما تبوس الحين بازعل منك تاليّه
فديت الصوت لاغنى على لحن الهوى موال ...
وانا اكتب له قصايدحب وابيات ارتجاليه
فديت القد لا من ضمته يدّي وذاب ومال ...
 ولا تعرف يميني كيف حوّل في شِماليه
فديت اهلك فديت خطاك يومٌ شفتها تختال ...
فديت ارض الشمال اللي انجبت مثلك شماليه


للشاعر صالح جريبيع الزهراني
...

الأربعاء، 7 أكتوبر 2015

قراءة إنطباعية لقصيدة حب .. ( شقر جنوبي )

بسم الله الرحمن الرحيم

قراءة انطباعية لقصيدة حب

البدع .. اختار الشاعر صالح جريبيع  لقصيدته طرق ( لحن ) المجالسي أو اللعب وهو الطرق المريح للنفس الذي يتوقع سامعه قصيدة وجدانية 
ثم بدأه بقوله ( يقول صالح ) لينبه السامع بقوله ثم يؤكد أن القائل الشاعر صالح بن جريبيع ..
ماذا يقول صالح ياترى ؟!

يقول صالح قرى وادي الصدر عين في عين

إذن هذا السر فقرى وادي الصدر عين في عين مياة عذبة تنبع من عمق الأرض ليزداد حب الأرض ..
ويحدد الشاعر تلك المنطقة المقصودة ، فهل الحنين للمكان أو لمن عاش في المكان ؟!

من شعب مخلوّه للصيران لا قلب سالم

ويؤكد الشاعر أن الماء في تلك المنطقة المليئة بالعيون لا ينقطع الماء منها في برد أو حر ، شتاء وصيفاً ( وجعلنا من الماء كل شيء حي )..

ما يقطع الما منه في برد والا هجورا

هذه المياة النابعة من جوف الأرض التي لا تقطع ملأت الأرض خضرة وجمالا زاد ذلك كثرة تواجد أسراب الطير وفروق النحل .!
 وأي طير وأي نحل؟!!
 فأصوات الطيور ودوي النحل ينعش الحياة ويشرح القلب عدا وفرة العسل والصيد ..

والطير والنحل يسرح فيه سربٌ وفرقان

لكن ماذا حصل بعد شاعرنا مع تطور الزمن ؟!
لا ماء ؟!
  أين ذهب ؟! 
هل غارت المياة ؟!
أين ذهبت تلك الحياة ؟!

واليوم ما عاد نلقى فيه بير امرحت ما 

إنه الوقت .. فالوقت يطلق على قلة الأمطار ، ويطلق على تسارع الزمن ولهذا اختار شاعرنا تلك الكلمة التي توحي لسامعها بكل الإحتمالات ، فقد شيّن الوقت ذلك الوادي بسبب نشوف الماء وخلو تلك العيون من المياة .!!

يا وقت شيّنت وادينا وناشفت عينه

هكذا أدخلنا شاعرنا في مقارنة بين ماضٍ وحاضر في رمزية لا تغيب عن الفطن .. ثم فتح أبواب الردود مشرعة ..

ليأتي الردود من فنان الديرة مكملاً جمال البدع مبتدئا بالدعاء بألا يعود وقت فراق الحبيب المؤلم خاصة إن نظرت العين إلى العين كلاهما لا تخفيان مافي القلوب بل تفضحه .!

لا عاد وقت الفراق ونظرة العين في العين

الفراق بين الأحبة لايكون في الغالب إلا بسبب الواشين وأسماهم ( أهل التحتام ) ، والشكوى منهم قديمة قدم الحب فالشاعر العذري جميل بثينة قال:
وإني لأرضى من بثينة بالذي .. لو ابصره الواشي لقرت بلابله 
وشاعرنا هنا يذكر أنهم لم يتركوا قلباً محباً سليماً من شكوكهم ومراقبتهم .!

واهل التحتّام ماخلّوا ولا قلب سالم

يعلم شاعرنا بمدى محبة المحبوب ورغبته في التواصل لولا أن هناك ما أجبره على ذلك فسبب له العذاب والفجيعة أكبر ألم .!

وصاحبي ما اخبره قطّاع والا هجورا

لكن فجع قلبي الملهوف ونوى بفرقان

لكن لماذا نية الفراق إذن ؟!
هي أمر محتوم يعلمه الشاعر كعلم الحبيب ذلك فالواشون والمراقبون لم يتركوا لهم خياراً آخر.!

ويوم شاف الحبيب انّ الوداع امر حتما

لكن ما أصعب الفراق ؟!
خاصة ماسبق له الإشارة في بداية القصيدة ، عند نظر العين للعين ف ( الصب تفضحه عيونه ) هكذا فضحت العيون مكنون القلوب .!

لمح بعينه وهو يبكي وانا شفت عينه

شاعران امتعانا بجميل القول ، وأجبرانا على التطفل بهذه القراءة الإنطباعية التي لا ترقى لقولهما لكنها مكنونات عاشق للأدب الشعبي .

( مع تحيات ابن خرمان ) 

..............

البدع :
صالح جريبيع الزهراني

يقول صالح قرى وادي الصدر عين في عين

من شعب مخلوّه للصيران لا قلب سالم

ما يقطع الما منه في برد والا هجورا

والطير والنحل يسرح فيه سربٌ وفرقان

واليوم ما عاد نلقى فيه بير امرحت ما 

يا وقت شيّنت وادينا وناشفت عينه


الرد :
علي الزهراني
فنان الديرة

لا عاد وقت الفراق ونظرة العين في العين

واهل التحتّام ماخلّوا ولا قلب سالم

وصاحبي ما اخبره قطّاع والا هجورا

لكن فجع قلبي الملهوف ونوى بفرقان

ويوم شاف الحبيب انّ الوداع امر حتما

لمح بعينه وهو يبكي وانا شفت عينه

..........

السبت، 11 يوليو 2015

عن الصيفية في المندق ما احسنني ساكتاً ..

بسم الله الرحمن االرحيم

وجدته شارد الذهن , فسألته عن حاله والسبب الذي جعله لا يكاد يتنبه لما حوله !.
قال لي : إعتدت أخذ عائلتي سنويا لقضاء الصيف في إحدى الدول هرباً من حر الصيف وكنا نقضي أياماً نستمتع بها وننسى تعب السنة كاملة فتلك الدول تهتم بالسائح وتعمل كل مايريحه من الخدمات والتسهيلات فترى السائح يصرف أمواله برحابة صدر في سبيل إمتاع عائلته وإسعادهم , إلا أنني هذه السنة ونظراً لظروف بعض الدول ومايحدث فيها من تقلبات لم أتمكن من السفر إلى الخارج فقررت قضاء الصيفية في داخل المملكة ولم أقرر بعد المنطقة التي سأقضي فيها الإجازة .!
قلت له : مرحباً بك فهذا من سعادتنا أن يقضي أبناؤنا إجازاتهم داخل وطنهم ويصرفون فيه مايصرفونه فبلدهم أحق بمالهم .!
قال : بصفتك ممن يقضي الصيفيات داخل المملكة ماهي المناطق التي تنصحني بالذهاب إليها ؟!
قلت : تعودت أن أقضي وقت الصيفيات سنوياً في منطقة الباحة وأنصحك بها وخاصة محافظة المندق فستستمع بالوقت الذي ستقضيه فيها شريطة ألا يعيق خطتك بعض السلبيات التي قد تجدها فكلها لها أسبابها.. فإن لم تتمكن حجز شقق فندقية أو مفروشة عن طريق النت كما يفعل المسافر للخارج فهذا لأن أصحاب الشقق عندنا هنا من شدة حرصهم على حضورك واهتمامهم بك لا يثقون في الحجز عن طريق النت ولا بد من تواجدك .. فإذا وصلت فلم تجد شقة فاضية لا تحزن عليك البحث قليلا في القرى المجاورة وحتماً ستجد شقة لكن عليك ألا تغضب إن لم يكن حولها مطاعم أو أسواق أو مغسلة ملابس فكل هذا من أجل ألا تزعجك هذه المحلات وتحرمك النوم المريح أما أصوات الكلاب في الجوار فهي مؤنسة لسكان هذه الشقق .. وأتمنى ألا يزعجك غلاء أسعارها فهي موسمية التأجير ويسعى أصحابها لاستغلال موسم الصيفية .. أما إذا لم تجد الفرش نظيفاً أو رائحته كريهة فهذا ستتعود عليه مع الوقت .
واصلت الحديث قائلاً : ولا يهمك ما ستجده من ضيق الطرق وخطورتها ولا تزعجك كثرة مطباتها والحفريات فيها فهي مرحلة مؤقتة وقد قام بعض الناشطين بعمل وسماً في تويتر ل #المطالبة_بإزدوجية_طريق_الباحة _المندق  واكتشفنا من خلاله أن مشاريع الطرق تخضع لأولوية يضعها مجلس المنطقة وقد تقدمت أولوية هذا الطريق في خلال سنوات قليلة من الثالثة إلى الثانية ولن تتعدى الخمس سنوات بإذن الله حتى يصبح في الأولوية الأولى وحينها سيبدأ طرحه في مناقصة ويبدأ العمل في إزدواجيته والتي أتوقع ألا تزيد عن عشر سنوات .. أما الحفريات التي في الطرق فتلك لمصلحة الجميع حيث أن المتسبب فيها شركات خدمية مختلفة بعضها للماء وبعضها للصرف الصحي وآخر للإنارة ونحن نعذرهم في عدم تزامنها لاختلاف المقاولين ثم أن ورش السيارات كثيرة بفضل الله تستطيع تجربة أي ورشة لإصلاح سيارتك إن تلفت.!
أما فيما يتعلق بوجود المرور لمنع مخالفات الطرق كالتجاوزات وقطع الإشارات والسرعة فهم متواجدون نرى سياراتهم بين الحين والآخر.. صحيح أننا لا نرى لهم أثراً في منع هذه المخالفات لكنني أتوقع أنهم لا يريدون إزعاج المصطافين والسياح بشدة تطبيقهم للأنظمة .!
واصلت حديثي لصاحبي تشجيعاً له على السياحة في المندق وماحولها قائلاً : لا تهتم إذا شاهدت عدم النظافة في بعض القرى وتراكم الزبالة أو تناثرها حول براميل القمامة أو في المنتزهات فمقاول النظافة لم يعتد على التعامل مع كثرة المواطنين فبعد سفر المصيفين سيقل عدد المواطنين ويكون عنده الوقت الكافي لتنظيف الأمكنة .. أما إذا أزعجك كثرة الحشرات والنامس ولم تر البلديات تقوم بدور كافٍ لرش هذه الحشرات فمن حسن الظن بهم أننا نتوقع أن هدفهم خدمة السكان والمصطافين وعدم تكليفهم بارتياد عيادات الحجامة فالنامس سيقوم بمهمة إمتصاص الدم دون مقابل واحتسب الأجر من االله في تغذيتك لهذه الحشرات من دمك , ولا تنسى أنه يطلق عليها ( المدينة الصحية ) .!
أما الجوال والنت فانقطاعاتها خدمة للوزارة لتقليل عدد المتمكنين من تحديث معلومات حافز فيقل الصرف عليهم في هذه الناحية .!
قاطعني صاحبي دون أن استكمل حديثي فقال : يكفي ماذكرت فلا تسترسل فإن ماذكرته جعلني أعيد التفكير في قضاء الإجازة هناك فربما أقضيها تحت المكيف في شقتي دون المغامرة بصحتي وصحة أطفالي أو حياتنا .. لكنني أتساءل أليس هناك مسؤولون يتابعون هذه المشروعات والخدمات ؟! وأين هيئة السياحة التي نسمع عنها ؟! وماهو دور الأهالي وشيوخ القبائل في المطالبات وإيصال هذه الأمور إلى من بيده الأمر ؟!
ودعته وهو يتمتم ويحدث نفسه ولا أعلم هل أخطأت بالحديث معه في محاسن المندق ودعوته للإصطياف فيها أم أنه ينطبق علي المثل الشعبي ( ما احسنني ساكتاً ) ؟!
والله المستعان .

كتبه /
علي بن ضيف الله بن خرمان الزهراني


رمضان 1436 هـ / يوليو 2015م .

.................

نشر في صحيفة زهران على الرابط : 
http://www.zahran.org/inf/zahranmql/s/2090

وفي صحيفة كنانة على الرابط :
http://www.kenanah.net/articles.php?action=show&id=509

وفي صحيفة تواصل زهران على الرابط :
http://twasolgroup1.com/news.php?action=show&id=732

الخميس، 5 فبراير 2015

طرفي الزهوقا ..



بسم الله الرحمن الرحيم

طرفي الزهوقا

قال شاعر الحب العباس بن الأحنف :

قلبي الى ماضرني داعي ... يكثر أسقامي وأوجاعي
كيف احتراسي من عدوي إذا ... كان عدوي بين أضلاعي

قال ابن خُرمان :
تكلمنا في موضوعات سابقة عن التشابه الكبير بين شعراء الحب في العصرين الأموي والعباسي كالشاعر عمر بن أبي ربيعة أو العباس بن الأحنف رحمهما الله وبين شاعر الحب الجنوبي أحمد بن جبران الزهراني رحمه الله مع اختلاف نوعية الشعر من الفصيح الذي يقوله إبن أبي ربيعة والعباس إلى طرق الجبل الشعبي وعلى طريقة الشقر في منطقة السروات .
قرأت في ديوان ( أحمد بن جبران ) الذي جمعه الأستاذ ( محمد بن زيّاد الزهراني ) القصيدة التالية التي لفتت إنتباهي :


قال احمد ام جبران ياطرفي الزهوقا
كم نهيتك ما تنهويت
لكن ما انت العيب قلبي بؤرة العيب
انت ما هلا رسولا
يرسلك لانه من ورى الأضلاع وازي

عادة ابن جبران في معظم قصائده يبدؤها ب ( قال احمد ام جبران ) و ( ام ) هنا كما هو معروف تستخدم في المنطقة الجنوبية وبعض مناطق الجزيرة العربية بديلاً عن ( إبن ) ، ثم يستكمل الشاعر قوله باختيار الموضوع وهنا ركز على ( الطرف ) أو النظر لكنه أضاف صفة ( الزهوقا ) له وهو الذي يتجاوز إلى أكثر من المطلوب النظر إليه مما يسبب الآلام .!

وهذا عمر بن أبي ربيعه اشتكى قبله من هذا فقال :

نظرت إليها بالمحصب من منى ... ولي نظر لولا التحرج عارم

وكذلك العباس يقول:

لا يضمر السوء إن طال الجلوس به ... عف الضمير ولكن فاسق النظر

قال ابن خُرمان : ثم يواصل شاعرنا أحمد ام جبران معاتباً نظره مبدياً أنه سبق له زجره ونهيانه مرات كثيرة دون طائل فلا زال مستمراً في تجاوزه فقال:

كم نهيتك ما تنهويت 
ثم يستدرك إبن جبران ليوضح السبب في هذه التجاوزات من طرفه قائلا:

لكن ما انت العيب قلبي بؤرة العيب

هذه المشكلة وأس السبب وبؤرة العيب هو القلب .!
قال ابن خُرمان:
عجيب جداً إختيار إبن جبران لكلمة ( بؤرة ) وهو المركز أو الأساس فلم أجد فيما سمعت أو قرأت من الشعر الجنوبي الشعبي على أي لحن أو طرق من سبقه لإستخدام هذه الكلمة .!
وبعد أن كشف الشاعر بؤرة العيب هاهو يوضح أن النظر ( ما هلا ) أي ليس إلا رسولا للقلب فيقول:

انت ما هلا رسولا

قال ابن خُرمان:
كأن شاعرنا يعيدنا للمناظرة التي أوردها الشاعر قديما بين القلب والعين حيث وردت الأبيات التالية:

يقول قلبي لطرفي إن بكا جزعا ... تبكي وأنت الذي حملتني الوجعا
فقال طرفي له فيما يعاتبه ... بل أنت حملتني الآمال والطمعا

إلا أن شاعرنا إبن جبران في ختام قصيدته يقف مع النظر ملقياً اللوم على القلب الذي يرسل النظر وهو متستر خلف الأضلاع مؤكداً قول العباس الذي ورد سابقاً:

قلبي الى ماضرني داعي ... يكثر أسقامي وأوجاعي
كيف احتراسي من عدوي إذا ... كان عدوي بين أضلاعي

فيقول ابن جبران :

يرسلك لانه من ورى الأضلاع وازي

رحم الله أحمد بن جبران الشاعر الذي تناقل الرواة بعض قصائده وتغني بها المحبون وكانت أصوات غناء الرعاة والسوّاق والمتجولين في سفوح جبال المنطقة وأوديتها تصدح بها يتردد صداها في جنباتها بطرق ( لحن ) الجبل الشجي والذي بكل أسف لم يعد يجيده إلا قلة قليلة.
والله المستعان.

كتبه /
علي بن ضيف الله بن خُرمان الزهراني
الدمام
الأربعاء ١٥ ربيع الثاني ١٤٣٦ هـ
٤ فبراير ٢٠١٥ م 

....

( الرسمة من قوقل ).

.............................................

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=10204134395623580&set=pb.1336437394.-2207520000.1423154649.&type=3&theater

http://www.alfnoon.net/articles.php?action=show&id=861

الثلاثاء، 3 فبراير 2015

بين البر والعقوق ..

بسم الله الرحمن الرحيم


قال لي :
وجدته وحيدا حزينا جالسا تحت شجرة لوز في ساحة بيته في القرية بعد أن جاوز السبعين من عمره، فقلت له : مابك يا أبا فلان على هذه الحالة ونحن نعرف أن لك زوجة وأبناء؟!
رد عليّ: كان عندي زوجة وأبناء علمتهم والحقتهم بتحفيظ القرآن ودراسة الحديث وربيتهم حتى كبروا وتوظفوا في وظائف جيدة وزوجتهم لكنهم نسوا كل ماتعلموه من القرآن والدين ولم يحفظوا إلا حديث ( أمك ثم أمك ثم أمك ..) فأخذوا أمهم معهم وأنا لا أرغب السفر عن بيتي ومزرعتي فتركوني وحيدا.!
أردف الشيخ قائلا : ليت الدعاة والخطباء يذكرون الناس ببر الوالدين كليهما وبالآيات التي تأمر ببرهما كقوله تعالى ( وبالوالدين إحسانا ) ، ولا تقتصر أحاديثهم ودعوتهم على بر الأم .!
( رواه إبن خُرمان ).


- الصورة من قوقل -



............
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=10204106192918530&set=a.1932736121541.100406.1336437394&type=1&theater

السبت، 17 يناير 2015

قال ابن خُرمان عن لُجين ..

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد فهذه قراءة إنطباعية عن قصيدة بحتري الباحة الشاعر حسن محمد الزهراني ( لُجين ) حيث بدأها الشاعر بمقدمة توضح لنا ظروف القصيدة قال فيها:
لم يبلغ عمر زواج الحبيبين عامين - ثم جاءت لجين - وبعد مولدها بشهرين - رحلت أمها لتتركها يتيمة- مع الزوج الحزين - .
قال ابن خُرمان :
بعد أن اتضحت لنا الحالة وفهمنا أنها على لسان أب مكلوم بحبيبته التي لم تهنأ بحياتها مع ابنتها الرضيعة فتركتها يتيمة ولا تزال في شهرين وكم ستحتاج هذه اليتيمة من الحنان والرعاية والمراقبة والتوجيه والتي لن يستطيع القيام بها غير الأم ولن يعوضها أحد ذلك أياً كان هذا الأحد.!
ولنستمع لما قاله شاعرنا على لسان الأب:
عـقـد الأسى بـك ( يالجين) لساني
فـسـكـبـت فـي سـمـع الـمـنـى أحـزانـي
قال ابن خُرمان :
الثكل وفقد الرفيقة والحبيبة يعقد لسان المكلوم فكيف إذا كانت هناك طفلة ك(لجين) فسيعقد الحزن واللوعة والأسى بتلك اليتمة لسان البعيد ناهيك عن الأب الذي سكب أحزانه في سمع المنى ، وهل للمنى سمع؟! ثم يطالب لجين بأن تتوقف عن البكاء وتكفكف دموعها التي تذيب بيادر الكتمان فتفضح المكلوم فيقول:
كفّي ( لجين) عن البكاء وكـفـكـفـي
دمـعـاً يـذيـب بـيـادر الـكـتـــمـــان
قـطّـعـت قـلـبـي يا لجـيـن تـرفّــقـي
إن الـذي أبـكـاك قــــــــد أبـكـــــانــــــي
فـأنـا وأنـت حــكــايـــة مـكـتـوبــــة
بـالـدمع فـوق بــــــــراعـم ألأشـجـان
فــأنــا يـتـيـمٌ يــا يـتـيـمـة فامسحي
دمعـي. ودمـعــك يـحــــــــتـويـه بـنـاني
قال ابن خُرمان:
يشرح شاعرنا هذه المأساة التي وقع فيها الأب ويحاول شرحها لطفلته بل ويطلب منها أن تترفق به فقد تقطع قلبه من بكاء لجين والذي هو أيضا سبب بكائه ، فهما يتيمان سيمسح دموعها ببنانه ولكن هل تستطيع الرضيعة مسح دموعه ؟! ربما إن توقفت عن البكاء فهل سيحدث هذا ؟!. ولنرى كيف يبرر للجين تخليه عن أمها حبيبته وأنها هي من رحل بعد أن سلمها قلبه فتركت مع رحيلها قلبه وحيدا يذوق المرارة والحزن لفقدها .! فيقول الشاعر:
سـلّـمــت أمـك يـا لـجـــيـن بــرقـــةٍ
قـلـبـي لـيـبـقـى رائع الخـــفـــقـــان
لـكـنـهـــا رحــلـت لـتـتـرك خـافـقـي
فــرداً يــذوق مــرارة الـــحــرمــان
رحـلـت فـكـل سعـادتـي رحـلت ولـم
يــمـض عـلى فـجـر الهــــوى عامان
قال ابن خُرمان :
عامان فقط مع رفيقته وحبيبته وبفقدها فقد كل السعادة ، يااااه كم هذا الحب في قلب هذا الزوج لزوجته الذي يقول للجين أنهما مشتركان في الفقد حيث أنه بفقدها فقد الأهل والخلان وكأنه يذكرها بما قاله سابقا أنه يتيم مثلها ، ثم يستمر الزوج المحب في شرح حالة الدفن وتركه لحبيبته فقد كفنها وكم تمنى أن يكون معها في الكفن ثم أتى الدفن فهل يستطيع المحب إهالة التراب على الحبيب ، كم كان ذلك مؤلما فلم يستطع منع نفسه من البكاء بل النحيب العالي رغم محاولة المعزين والأصدقاء منعه لكنه الحب ومرارة الفقد لا يشعر بها إلا من يعانيها فلا نصيحة تنفع ولا زجر يمنع ويأبى الحب إلا أن يعبر عن نفسه حتى أنه تمنى ألا يغادر ذلك القبر ففيه الحب .. ويستمر الشاعر في الوصف فيقول:
إنـي فـقـدتُ كـمـا فــقــدتِ حـبـيــبـةَ
فـأنـا بـلا أهـــــلٍ ولا خـــــــــــــــلان
كــّفــنـت أمـك يا لـجـيــن فــلـيـتـني
بجـوارهــا قـد كـنـت فـي الأكـفــــان
ووضعـت طاهر خـدها فـوق الثـرى
وبـكـيـت حـتـى جــــفـت الـعــيـنـان
وعـلا نـحـيـبـي رغـم زجـر أحـبـتي
ووددت أنـي مـا بــــــــرحـت مـكـانــي
وخـرجـت من قـبر الحـبـيـبـة تاركاً
قـــــلـبـي بــــرفـقـة ذلـك الـجـثـمـان
طــــيـّبـتـه بـدمـوع عـيـني بـعــدمـا
أهــديـتـه غـصــنـاً مـن الـريـحـان
ووضعت كـفي فـوق وجـهـي نادماً
ورضـيـت حـكـم الـواحـد الـديـان
وحـزمـت أحـزان الـفـؤاد مـهـاجراً
بـمـواجـعـي بـحــثـاً عــن الـسـلـوان
قال ابن خُرمان:
هكذا الحب غادر الزوج المكلوم المقبرة ولم يغادرها قلبه فقد دفن هناك مع الحبيبة التي طيب قبرها بدموعه وليس له إلا الرضا بحكم الله تعالى في خلقه ( إنك ميتٌ وإنهم ميتون ).. غادر القبر بآلامه وأحزانه فربما وجد بعض السلوان .!
لكن ماذا حدث لهذا الزوج المكلوم والأب الثكل واليتيم ؟!. لنواصل وصف شاعرنا لهذه المآساة :
فإذا بوجهـك نصـب عـيـني راسماً
أمـلاً عــلـى بــوابــة الأحــزان
فــوقـفــت أقــرأه وأسـأل صــمـتـه
فـوجـدت فـي قــسـمـاتــه عــنــوانـــي
قال ابن خُرمان :
لقد وجد هذا الزوج الذي يبحث عن السلوان وجه ( لُجين ) ذات الشهرين الذي حين تأمله شعر ببعض الأمل أن تكون عوضاً عن أمها لكن الحقيقة كانت غير ذلك فقد كانت دموعها تثير الأحزان وتتكلم نيابة عن الرضيعة وكم لكلام الدموع من أثر على القلب .!
دموع متحدثة مفرقة بين الحزنين ، فحزن الأب سيموت مع الزمن ومع زوجة جديدة أما حزن لجين فمستمر، يتزايد مع مرور الأيام ومع مر السنين فمن يعيش بلا أم هو اليتيم الحقيقي ، فالأم هي من يرعى ويهتم ويتابع ، والأم هي من سيسهر ومن يعطي العاطفة دون حساب ، الأم التي هي نبض الحياة وصفوها ، وهي السعادة ورونقها .!
وإذا بـدمـعــك فــوق خــدك ثـائــراً
حــزنـاً يـهـاجـم مـوجـه شـطـآنــــــــي
وتـقـول بـعـض حـروفـه لا يـا أبي:
حـزنـي وحـزنـك لـيـس يـشـتـبـهـان
سـيـمـوت حـزنــك يـا أبـي أمـا أنـا
سـيــظـــل حـزني دائـم الــثــــوران
سـأعـــيـش يـا أبـتِ بـلا أمٍّ فـمـن
لي؟؟ إنّ عــــمـري يـا أبـي شـهــــران
من سوف يرعاني ويمسح دمعتي
ويـضــمـنـي فـي رقـةٍ وحــنــانــــــــي
قال ابن خُرمان :
يواصل الشاعر شرح معاناة هذا الزوج المكلوم بفقد زوجته ودموع تلك الرضيعة التي تزيده آلاماً على أمله فتتكلم نيابة عنها شارحة ماذا سيقابلها إذا كبرت عندما تشاهد زميلاتها وصديقاتها وأترابها معهم أمهاتهم وهي بدونها ، تسمع نداءاتهم واستغاثاتهم بأمهاتهم وهي لا تجد إلا الدموع تلجأ إليها لعلها تمسح جزءً من آلامها وحزنها.. فيسترسل الشاعر ويقول:
وإذا كــبـــرت فــكـم سـؤالٍ حـائـرٍ
سـيـمــــوت يـا أبـتـاه فـــــوق لـسـاني!!
سأرى رفـاقـي يـحــتـــوي آلامهـم
عـطـفُ الأمــومــة صـادق الـتـحـنـان
وأنـا أشـاهـد مـا يـدور وأدمـعـــي
نهـران فـي الـخـديـن يـــسـتــبــقـانــي
فـأنـا بـلا أمٍ أعـيـــــــــش يـتـيـمـةً
تـجـري سـمـوم الـحــزن في وجـدانـي
من ذا سـيـُنـسي القـلب أماً فارقت
صـفـو الـحـيـاة وعـطـفـهـا يـغــشـانـي
ماتـت ورأسي فوق ساعدها فمن
بـعـد الـحـبـيـبـة يــا أبـي يـرعـانــــــي؟؟
سيـظـل حـزني يا أبي من بعـدهـا
مـتــــــعـــــدد الأشـكـال والألـــــوان
قال ابن خُرمان :
بعد كل المعاناة والألم في القصيدة يعود بنا الشاعر وبلسان تلك الدموع للرضيعة يعود بنا إلى ما يجب أن نعود إليه وهو الله جل وعلا الذي عنده الرحمة وإليه الملتجأ، يعيدنا شاعرنا إلى كوننا مسلمين نرضى بالقضاء ونطلب رحمة الرحمن .. فيقول :
لـكـنـنـي ســـألـوذ بـالله الـــــــذي
أحـيـا بــقــلـبي نـبـتـة الإيــــمـــان
سـيـذيـب إيـماني جـبـال مواجعي
سـأعــود أنــشــد رحـــمـة الـرحـمـن
قال ابن خُرمان:
لم نتجاوز الأبيات الأولى من هذه القصيدة حتى أحسسنا بالمعاناة والألم لحالة هذه العائلة المكلومة، زوج حزين يعصره الألم والحزن على فقد الحبيبة والرفيقة وتركه لها مدفونة في قبرها ثم معاناته مع طفلته التي كلما نظر إليها تذكر أمها ، وكلما سمع صوتها فز قلبه لحالها ، وكلما شاهد دموعها رسمت له العذاب .. ولم ننتهي من القصيدة حتى بكت قلوبنا ودمعت أعيننا ..
إن قرأنا قصيدة نزار في بلقيس وأحسسنا بحزنه وألمه ، وإن راجعنا رثائية مالك بن الريب لنفسه أو وداعية إبن زريق لا نجد مثل وصف الحالة عند شاعرنا بحتري الباحة من قصيدته المشهورة ( مساء الموت ) أو قصيدة ( أبتاه كيف قتلت أمي ) وقبلهما قصيدة ( سفاح الجنوب ) إلى هذه الرائعة ( لُجين ) يحز قلوبنا ويدميها ويبكي مدامعنا ( عفا الله عنه ) ثم يدخلنا في جو القصيدة وكأننا جزء منها أو هي جزء منا ..
شكراً لك شاعرنا على هذه الروائع ..

كتبه/
علي بن ضيف الله بن خُرمان الزهراني
الجمعة ٢٥ ربيع الأول ١٤٣٦ هـ الموافق ١٦ يناير ٢٠١٥ م
الدمام

.......................

رابط الفيسبوك :
https://www.facebook.com/zahrani3li/posts/10204007268565483