الأحد، 1 ديسمبر 2019

وان تعاقبنا فكلٌ تسده ديرته ..

بسم الله الرحمن الرحيم

وإن تعاقبنا فكلٌ تسده ديرته


قال ابن خرمان :
الترحيب بالضيوف وحسن استقبالهم من شيم العرب التي أتى الإسلام متمماً لها ومؤكداً عليها, وفي أشعار القدماء ما خلد هذه الصفة الحسنة مثل قول حسان رضي الله تعالى عنه في قصيدته التي يمدح فيها الغساسنة :

يغشون حتى ما تهر كلابهم ..... لا يسألون عن السواد المقبل

ويقول الشاعر في حسن استقبال الضيف وإظهار البشاشة بوصوله :

بشاشة وجه المرء خير من القرى .... فكيف بمن يأتي به وهو ضاحك

قال ابن خرمان :
وشاعرنا الشعبي هنا لا يقل عمن سبقوه في الترحيب بالضيوف واستقبالهم خاصة إن كان الضيف جار وشريك ديار .. حيث يقول الشاعر ( احمد بن جمعان القلاصي الزهراني ) أثناء استقبال أهل عنازة في مناسبة زواج في بالحكم قرية الشاعر:

مرحبا ياداعريٌ نحبه من زمان

ترحيب وإظهار المحبة لهؤلاء الضيوف الذين يلقبهم ( بني داعر ) وهي داعية لأهالي قرية عنازة من بالخزمر .. ولكن هل المحبة التي أظهرها شاعرنا طارئة ؟!
والجواب بالتأكيد ليست طارئة فالمحبة قديمة أوضحها في قوله ( نحبه من زمان ) منذ القدم .. وللتأكيد على ذلك قال :

هرجتي ماهي نصوح

ليست مقولتي هذه مجاملة أو نفاق أو محاولة كسب ودٍ مؤقت وللتأكيد على ذلك أورد أنها ( ماهي نصوح ) ..
ثم يستمر شاعرنا في ذكر الأسباب لهذه المحبة المخصوصة لأبناء داعر فيشرح أن جميع الأمور التي تأتي من عنازة تفرض محبتهم فيقول :

يا عنازي منك جمع اللوازم كلها

واللوازم التي يعنيها الشاعر تجمع بين الرحم فكم من الأنساب والمصاهرات التي تمت بين أبناء بالحكم قرية الشاعر وبين أهل عنازة فهي تحتم المواصلة والمحبة .. والأمر الآخر الحلف فالأحلاف بين القرى والقبائل تعني أن عليهم الدفاع عن بعضهم البعض وحماية كلٌ منهم الآخر .. وأخيراً الجيرة وشراكة الأرض فالمزرعة بجنب المزرعة والدار بجنب الدار والحمى بجنب الحمى فالجيرة والمحافظة على حقوق الجار مما أوصى به ديننا الحنيف ومما كان يفتخر به العرب قديما وحديثا حيث قيلت الأشعار في مثل هذا ومما قيل :

وجارك محفوظ منيع بنخوة .... من الضيم لا يؤذى ولا يتذلل

قال ابن خرمان :
وشاعرنا جمع الأمور السابقة في بيت واحد وهو البيت التالي :

الرحم والحلف وفي الديار احنا شراكة

ولكن ماذا لو حصل ما يعكر صفو ما ذكر سابقا وساءت الأمور وتجاوزت خط الرجعة .. ترى ما الحل الذي يراه الشاعر ؟!.
إنه يرى وبكل عزة وأنفه وبكل احترام للآخر أن لو حدث ذلك فعلى كل من قبيلة الشاعر والقبيلة الأخرى الاكتفاء كل بما عنده وبأرضه ودياره وليس هناك من داع لأكثر من هذا , وليس من داع لتطور المشاكل لتتجاوز ذلك لأكثر .. فقال :

وإن تعاقبنا فكلٌ تسده ديرته

إنه الحل الذي لو طبقه الأفراد ما اعتدى أحد على آخر, ولو التزمت به الدولة لما قامت الحروب وقتلت الأنفس ودمرت الممتلكات.!

قال ابن خرمان :
أتمنى أن يكون قد حالفني التوفيق في إلقاء بعض الضوء على ما تحتويه أشعار العرضة الجنوبية من الحكمة إضافة إلى الإبداع في خلق الصور والتفنن في مجال الشقر الذي لا يستطيعه إلا من حباه الله هذه الموهبة .
رحم الله أحمد القلاصي ورحم أموات المسلمين .
وفيما يلي القصيدة كاملة بدعاً ورداً :

البدع :

حي الله سيل (ن) غزر في ديار الفيض حان
جار ورّاد النطوح
وإن مضى دوقة ومن كل ديرة قلها
ينقل الوبلة وقعدانها وحناش راكة
وإن غزر ع الصدر ما تطلع البن ديرته

الرد:
مرحبا ياداعري(ن) نحبه من زمان
هرجتي ماهي نصوح
يا عنازي منك جمع اللوازم كلها
الرحم والحلف وفي الديار احنا شراكة
وإن تعاقبنا فكل(ن) تسده ديرته
كتبه /
علي بن ضيف الله بن خرمان الزهراني
5 صفر 1433 هـ .
..................


نشرت في منتديات بالحكم على الرابط :
http://balhakm.net/vb/showthread.php?t=88222

وفي استديوهات الفنون على الرابط :
http://www.alfnoon1.com/vb/showthread.php?t=54243

وفي تراث الجنوب على الرابط :
http://www.ksa-all.com/vb/showthread.php?t=995

الموضوع الأصلي هنا :
https://zahrani3li.blogspot.com/2012/01/blog-post_4.html


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق