الاثنين، 8 يناير 2024

سابق إلى النة وشفيع لوالديه بإذن الله

 

سابق إلى الجنة وشفيعٌ لوالديه بإذن الله

 

تمر حياة الإنسان مراوحة بين السعادة والتعاسة ، بين الأفراح والأتراح ، بين الأحلام والآمال متقلبة .

 تبلغ الأحزان والآلام مداها عندما يفقد الشخص أحد محبيه فكيف إن كان الفقيد قطعة الكبد وأمل الحياة وهو الولد الذي كان يتمنى والده أن يفقد حياته دون فقده،

وفي هذه اللحظات قد يكون الشعر وسيلة للتعبير عن المشاعر العميقة والتعاطف مع أولئك الذين فقدوا الأعزاء لديهم. يقول خالد الخنين عندما فقد ابنه :

أهديت للترب أحلى العمر أجمعه  .......   فمن يعيد لي العمر الذي ذهبا

ما كنت أحسب أنَّ الدهر يفجعني ........ حتى رأيت عليك القبر منتصبا

فنجد الشاعر ينطق بمشاعر الحزن والفقدان التي لا تستطيع الكلمات العادية التعبير عنها. ويقول ابن الرومي في رثائية بليغة عندما فقد ابنه :

بُكَاؤكُمَا يَشْفِيْ وَ إنْ كَانَ لاَ يُجْدِيْ ..... فَجُوْدَا فَقَدْ أوْدَى نَظِيْرُكُمَا عِنْدِي

بُنَيَّ الذِي أهْدَتْهُ كَفَّايَ لِلْثَّـرَى .... فَيَا عِزَّةَ المُهْدَى ، وَيَا حَسْرَةَ المَهْدِي

ألاَ قَاتَلَ اللَّهُ المَنَايِا وَ رَمْيَهَا .... مِنَ القَوْمِ حَبَّاتِ القُلُوْبِ عَلَى عَمْدِ

نعم ؛ هذا هو حال من يفقد الولد ، حزن وآلام ، ولوعة وبكاء ولا يلام على هذا لكن هذا حال الدنيا ففيها يقول أبو الحسن التهامي عندما رثى ولده مات صغيراً:

حكمُ المنيَّة في البريَّة جارِ....  ما هذه الدنيا بدار قرارِ

بينا يُرى الانسانُ فيها مخبراً .....  حتى يُرى خبراً من الاخبار

طُبعت على كدرٍ وأنت تريدُها ..... صفواً من الأقذاء والأكدار

وإذا رجوتَ المستحيل فإنما .... تبني الرَّجاء على شفيرٍ هار

فالعيشُ نوم والمنيّة يقظة .... والمرءُ بينهما خيالٌ سار

يا كوكباً ما كان أقصرَ عمره ...... وكذا تكون كواكبُ الأسحار

وهلالَ أيام مضى لم يستدر.....  بدراً ولم يُمهل لوقت سرار

عجل الخسوفُ عليهِ قبل أوانهِ  .... فمحاه قبل مظَّنة ِ الإبدار

جاورتُ أعدائي وجاورَ ربّهُ  .... شتّان بين جوارهِ وجواري

قال ابن خُرمان :

صدق أبو الحسن التهامي فالميت جاور ربه بينما الحي مجاوراً أعداء وشتان .. شتان بين الجوارين !!

ونحمد الله الذي جعلنا مسلمين وبين أمة مسلمة فلنا في رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم القدوة الحسنة حيث فقد ابنه الوحيد إبراهيم فكانت ردة فعله درساً بليغاً لكل مسلم .

عن جابر قال: أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيد عبدالرحمن بن عوف، فأتى به النخل، فإذا ابنه إبراهيم في حجر أمه، وهو يكيد بنفسه، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره، ثم قال: يا إبراهيم. إنا لا نغني عنك من الله شيئًا. ثم ذرفت عيناه، ثم قال: يا إبراهيم، لولا أنه أمر حق، ووعد صدق، وأن آخرنا سيلحق أولنا لحزنًا عليك حزنًا هو أشد من هذا، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون، تبكي العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب.

ووافق موته كسوف الشمس، فقال قوم: إن الشمس انكسفت لموته، فخطبهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله عز وجل والصلاة.

هذا قدوتنا وسيدنا ونبينا محمد وما فعله وقاله فلنقتدي به ونحزن لكن لا نقول ما يسخط الرب .

كتبت هذه الخاطرة عندما بلغني خبر وفاة الابن ( حسن بن سلطان بن حسن الفير) رحمه الله تعالى وأحسن عزاء والديه وذويه وألهمهم الصبر والسلوان وعوضهم خيراً .


كتبه /

علي بن ضيف الله بن خُرمان الزهراني

الدمام 5-1-2024 م الموافق 23-6-1445 هـ


...................

نشر في صحيفة مكة الالكترونية على الرابط :

https://www.makkahnews.sa/5384325.html


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق