الجمعة، 19 يناير 2024

ترى من أكون ؟!

 تُرى من أكون ؟

أنا من على حَدّي السيف مأسور

أنا من بعثرة أفكاري أصبحت ذلك أسير

تُرى أتُسعفني الظنون


أتُقظني ، أتخرجني من أرض الجنون

أتجمعني ، أتُلملمني كما أنا برماديَ المنثور

أم ترى هي لي تخون

تأتيني بماءٍ مسموم

تتركني بصحرائي بعد أن أركضتني أشواطًا تطول

أتأتيني بالجواب أم تتخذني أضحوكةً.. لا تقول

تعبث بي و أعبث بها و نزيد ببعضنا الفضول

نسقينا من بئرٍ يابسٍ مهجور


بل تُرى هل لي أن أكون؟

هل تلطمني الظنون بين السطور

أم لا يسعها الإدراك ما أكون

أتُراني منطقًا مغلوط؟

عَلمًا ممزقًا مرفوع؟

ترى أأجهلني أم تجهلني العلوم

هل أحجيتي ناقصةٌ ، ضائعةٌ ، متناثرةٌ أم لم يكن لها مجموع

أو تسمى فنًا أم الفن بمعنى موضوع؟


هل للمتناقضات في جوفٍ واحدٍ تثور

و تنام في أحضان بعضها تبكي نزالها المهدور

تدبُ السيوف في أعناقها و تهوي هوي المغدور

تناجي بعضها و تبحث معًا عن حلول

تطلب الفناء و التضحية متروكةً بيد قاضٍ مظلوم

يُشيع بالظلم بأمر آمرٍ مأمور

أتُرى للفوضى أن تنتظم على خطٍ مرسوم؟

هل للغبار المتطاير أن يُجمع في كفٍ مثقوب

كلٌ منها في همٍ و أنا بها المهموم


أتُراني أعتدل؟

و أنصافَ العوالم في داخلي أنتشل

أتُراني أعود لجهلي و أنتظم

أم قُدر لي معرفة علم لا يرتسم؟

تُرى الأطياف في داخلي تبتعد

هي و ما خلفته من اضطرابٍ في الأحشاء تنقطع

تنتهي من لومها و عتبها و تندثر

لأقف على قبرها ضاحكًا مبتسم

و أعود لعقلي الذي في دواماته يحتضر

و الأصوات الصخبة فيه كخلافات منزل مهترئ


تضحكني هذه الخلافات أن كلًا فيها يحكم من أنا

إلا أنا لا أعلم ما أنا

إلا أنا كل أمسية و فجر أعيد طرح الأسئلة، طلب الاحكام، مقارنة الآراء علّي أن أعلم ما أنا

و ما نهايتي إلا أعيد فك الخلاف بين أنا و أنا

تلك المتكبرة الضعيفة و تلك الذليلة ذات القوى

فكُلٌ منها يصرخ بما لديه لا يستمع

كلٌ يعيب و يُعاب ولا أحد منها ينتصر

كلٌ منها صائبٌ إثر هوى النفس و مصابٌ إثر هوى العدل المنتصب


و نعود لمعضلة أنا ..

فالحديث لا يُحْدث إلا الجزع

نعود ولا نغادر أبدًا على ذات المدار ندور

و إن سألتُ عن ما الحِكمة من أنا؟

يجيب: يُحل السؤال عندما تكف أميال الساعة عن النزال


( ميادة )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق