مها الشمال
قال ابن خُرمان :
قصيدة اطلعتُ عليها للشاعر صالح
جريبيع الزهراني
ونستغرب ألا تكون للشاعر الشهرة التي يستحقها ..
لكنه قد يكون قدر هذا الاسم فالشاعر ( جريبيع بن صالح الزهراني ) رحمه الله لم ينل
الشهرة التي يستحقها والتي ذهب بريقها لابن ثامرة رحمه الله حينها رغم استحقاقه
لها كما استحقها ابن ثامرة .!
لنعد للقصيدة التي كانت أحد عشر
بيتاً تجاري دواوين عشق كاملة .. فكل بيت من أبياتها عن قصيدة , ثم إن ستة أبيات
منها أي أكثر من النصف يبتدئها بأن يكون فداء للحبيب..
بدأ شاعرنا القصيدة بكلمة ( يقولون )
وكم صدق القائلون وكم كذبوا.!
وكم قال الشعراء عن يقولون ,
فالمجنون قال :
يقولون ليلى بالعراق مريضة
وكثير يقول :
يقولون جاهد ياكثير بغزوة
وغيره قالوا .. ولننظر ماذا قال
شاعرنا ابن جريبيع عنهم :
يقولون ان شَعرك يامها فوق المتن
شلاّل
إذن كانوا يمتدحون شعرها الفاحم
المنسدل على متنها كشلال يشوق النظر.. ومع هذا لم يرق الوصف لشاعرنا ولكنه وصفه
وصفاً مختلفاً .. إنه غيمة .. وهنا كان الجمال في هذه الغيمة المرتفعة والقادمة من
الشمال :
وانا اقول ان شعرك يامها غيمة شماليه
ثم يأخذ بنا مجالاً آخر فيطلب منها
أن تفرش هذا الشعر بساطاً أو لنقل حريراً لينعم برضاب من شفتيها فيقول :
طلبتك تفرشينه ودي اتقهوى معك فنجال
...
مبهّر بالرضاب ودلته شفة خياليّه
قال ابن خرمان :
هل كان شاعرنا يشعر بما كان يشعر به
جميل بن معمر من عذوبة ريق الحبيبة حين قال :
ألم تعلمي ياعذبة الريق أنني .. أظل
إذا لم ألق وجهك صاديا
ثم يقول ابن جريبيع :
حمست الصبر في جمرة خدودك واحترق
رجال ...
ومن نار اشتعالي منك سويت احتفاليه
نحرت الهم لعيونك وعلقته بدون
حبال ...
وعزمت سنين عمر ضاع في بحر المثاليه
قال ابن خُرمان :
حمس الصبر .. صبر الانتظار.. في جمرة
الخدود .
شبه الشعراء الخدود وحمرتها بالورد
والتفاح وقد قال الوليد بن يزيد من قبل :
وأمطرت لؤلؤاً من نرجس فسقت .. ورداً
أما خالد الفيصل فكان يخشى من وهج
الشفايف يحرق ورود الخدود فيقول :
أخاف من واهج شفاياك يزداد .. يحرق
ورود الخد واهج سناها
أما ابن جريبيع تجاوز ذلك إلى أن رأى
في الخدود جمرة اشتعل بملامسته لها لكنه جعل الاشتعال احتفالاً فنحر الهم وعلقه بل
وعزم كل السنوات الماضية من عمره متخلياً عن المثاليات التي أحرمته لقاء الحبيب .!
وهل هناك مثالية أجمل من لقاء الحبيب
؟!..
ثم يواصل وصف المنظر في خيمة العشق
المكونة من أهدابها :
وعلى جال العيون وخيمة اهدابك سهرنا
طال ...
ووجهك يامها برقٌ تلالا من حواليه
قال ابن خرمان :
تلك الأهداب التي صنعت خيمة لجلسة
الحب تذكرنا بقول بدر بن عبدالمحسن :
راعي العيون السود في رمشها فيّ
أما ابن جريبيع كان سهراناً في ظل غيمة الشعر ووجه مها كالبرق بل هو البرق
في تلألئه وكم يقرب هذا الوصف من قول الشاعر :
أبيض كالبدر أو كما يلمع البارق في
حالك من الظلم
أو قول الآخر:
رنا قمراً في جنح ليل من الشعر ..
فلم أدر ضوء البدر أم غرة الفجر
وينتقل بنا الشاعرابن حريبيع إلى
الجزء الثاني من القصيدة والذي يبتدئ أبياته بفداء الحبيبة بأوصافها ..
فالنظرة النجلاء , والعين الكحلاء
التي ليست بحاجة إلى كحال وكأنها من عناه جميل بقوله :
لها مقلة كحلاء نجلاء خلقةً
فيقول ابن جريبيع :
فديت النظره النجلا وعين ماتريد كحال
...
فديت البسمه اللي كنها لوحه جماليه
فديت الغرّه اللي تختفي وتبان تحت
الشال ...
تطير مع الهوا وترد لسيوف هلاليه
بعد النظرة النجلاء والعين الكحلاء
والتي تسلب لب العاشق ينتقل بنا إلى البسمة التي رسمت لوحة جمالية على محياها ..
ولك أن تتخيل أي لوحة ؟! وكيف رسمت ؟!
ويعود بنا مرة ثانية إلى الخد الذي
كان جمرة لكن هنا يستحق الفداء .. فمن ينادي بلهفة للبوس والقبل يستحق ذلك.. وخشية
من جفوة قد تحدث إن لم يسارع إلى إطفاء لهيب جمره بقبلة عاشق .!..
أما الصوت فلولم يكن له ذلك التأثير
لم يقل بشار عنه :
والأذن تعشق قبل العين أحيانا
وشاعرنا هنا يرتجل قصائد الحب
ليسمعها بصوت الحبيبة :
فديت الخد لا نادى من اللهفه وقال
تعال ...
ترى لو ما تبوس الحين بازعل منك
تاليّه
فديت الصوت لاغنّى على لحن الهوى
موال ...
وانا اكتب له قصايد حب وابيات
ارتجاليه
ثم ينتقل الشاعر إلى استكمال الوصف
وكأننا نرى ما يحدث .. فالقد الذي يذوب بين اليدين من العشق ويميل حتى ينتقل بين
اليدين دون شعور وما على الشاعر إلا ملاحقته خشية الذوبان يمنة ويسرة .!
فديت القد لا من ضمّته يدّي وذاب
ومال ...
ولا تعرف يميني كيف حول في شِماليه
يختم الشاعر بأنه فداء لأهل الحبيبة
ولكل ما له علاقة بالحبيبة وبأرض الشمال التي أنجبت مها الشمالية وكأنه يذكرنا
بقول الشاعر:
بنفسي وأهلي من أرى كل ليلة ..
فديت اهلك فديت خطاك يومٌ شفتها
تختال ...
فديت ارض الشمال اللي انجبت مثلك
شماليه
قال ابن خرمان :
تغنى الشعراء بالشمال من قبل فجميل
يقول :
أيا ريح الشمال أما تريني ... أهيم
وأنني بادي النحول
أما شاعرنا صالح بن جريبيع فقد نقل
الشمال وحب الشمال إلى وجداننا بقصيدته التي جعلنا نعيش أجواء لقائه ب ( مهاه
الشمالية ) .. وليعذرني القارئ إن سببت للقصيدة تشويهاً بمداخلاتي عليها فلست إلا
محباً للأدب وأهله .
مع تحيات /
علي بن ضيف الله بن خرمان الزهراني
الخميس 25 ذي الحجة 1436 هـ الموافق
8 اكتوبر 2015 م .
...................
مها الشمال
يقولون ان شَعرك يامها فوق المتن
شلال ...
وانا اقول ان شعرك يامها غيمه شماليه
طلبتك تفرشينه ودي اتقهوى معك فنجال
...
مبهّر بالرضاب ودلّته شفّه خياليه
حمست الصبر في جمرة خدودك واحترق
رجال ...
ومن نار اشتعالي منك سويت احتفاليه
نحرت الهم لعيونك وعلقته بدون
حبال ...
وعزمت سنين عمرٍ ضاع في بحر المثاليه
وعلى جال العيون وخيمة اهدابك سهرنا
طال ...
ووجهك يامها برق تلالا من حواليّه
فديت النظره النجلا وعين ماتريد كحال
...
فديت البسمه اللي كنها لوحه جماليه
فديت الغره اللي تختفي وتبان تحت
الشال ...
تطير مع الهوا وترد لسيوفٍ هلاليه
فديت الخد لا نادى من اللهفه وقال
تعال ...
ترى لو ما تبوس الحين بازعل منك
تاليّه
فديت الصوت لاغنى على لحن الهوى موال
...
وانا اكتب له قصايدحب وابيات
ارتجاليه
فديت القد لا من ضمته يدّي وذاب ومال
...
ولا تعرف يميني كيف حوّل في شِماليه
فديت اهلك فديت خطاك يومٌ شفتها
تختال ...
فديت ارض الشمال اللي انجبت مثلك
شماليه
للشاعر صالح جريبيع الزهراني
...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق