السبت، 26 يونيو 2010

تعب الأبناء وهموم الآباء

بسم الله الرحمن الرحيم
تعب الأبناء وهموم الآباء

عشت بداية حياتي في مجتمع زراعي , ومع أن الإهتمام بالزراعة في منطقتنا كاد أن ينتهي إلا أنني اتذكر تلك الأيام بمعاناتها وتعبها , فجميع أهل البيت يتعبون كل له دوره .. تبدأ المرحلة بحرث الأرض وبذر الحبوب ثم ينتظر الجميع ظهور النبات ويستمر الجميع في المتابعة وتنظيف المزرعة مما قد يضر الزرع , ويواصل المزارع سقي الزراعة في المزرع (المسقوي ) من الآبار , ويهتم بتنظيف مجرى الماء والتي تسمى ( الخُلج ) للمزرع ( العثري) استعدادا لنزول الأمطار حتى لايذهب ماء المطر بعيدا عن الزرع , وفي النهاية يأتي موسم الحصاد فيحصل كلٌ على قدر مزرعته وقدر تعبه واهتمامه بزراعته ..

تذكرت هذا الأمر في هذه الأيام التي تشبه أيام الحصاد فهي موسم اختبارات الطلاب .. ترى الاهتمام من الجميع , وتلحظ المعاناة في وجوه الآباء , لايخطيء الحدس حين تلاحظ أحدهم فتعلم أن لديه أبناء يهتم بهم وباختباراتهم خاصة طلبة المرحلة الثانوية ( التوجيهي ) ..

ليس هدفاً لي إصابة القاريء بالإحباط ولكننا لو قارنا الدراسة بالزراعة فلنا أن نتساءل هل اهتم الاباء بالدراسة منذ بداية السنة الدراسية ؟!.. وهل تابع الآباء أبناؤهم ومدارسهم طوال سنة الدراسة ؟! ..

منذ بداية السنة الدراسية كان يجب الاهتمام والمتابعة , بل منذ بداية المراحل الدراسية كان الأحرى أن يتم ذلك .

أما الآن فما أراه واجباً على الأهل هو تهيئة الجو المناسب للدراسة وتشجيع الأبناء ورفع معنوياتهم وزيادة جرعات الثقة في نفوسهم ومن أهم وسائل رفع المعنوية أن لايدع الأهل القلق يسيطر عليهم هم فيؤثر ذلك على ابنائهم .. كما أن حصول الابناء على النوم الكافي يؤدي الى صفاء الذهن للدراسة ممايساعد في الحصول على نتائج جيدة ..

إن استمرار التفكير في الاختبار السابق والاخطاء التي حصلت يشتت الذهن ويفقد التركيز في الدراسة للاختبار القادم مع أن ذلك لن يفيد ولن يغير شيئا في الماضي فقد انتهى لهذا أرى أن نهتم بالقادم فهو مانستطيع التحكم فيه ايجاباً أو سلباً .

إن الإختبارات ليست إلا تقييم لجهد دراسة عام مضى , وإن حصل فيه بعض الإخفاقات فليست نهاية العالم وهناك الفرصة للتعويض مستقبلا , حتى الناجحين في الحياة والذين يشار اليهم بالبنان إن سألتهم وصدقوا مع النفس ومع الآخرين ستجد لهم بعض الإخفاقات في حياتهم ولكنهم منها تعلموا وصححوا ماوقعوا فيه من الأخطاء حتى أدركوا النجاح والفشل دافع ومحفز قوي لدفع الشخص نحو النجاح فالناجح ليس من لايفشل ولكنه من يستفيد من الفشل لتحقيق النجاح ..

يقول الكولونيل هارلاند ساندورز : (على المرء أن يتذكر بان كل فشل يمكن ان يكون خطوة نحو تحقيق شيء أفضل) , ويقول توماس أديسون : (ضعفنا الأكبر يكمن في الإستسلام، وأكثر الطرق المؤكدة للنجاح هي ان تحاول مرة أخرى ) ..

نقطة أخرى أود الاشارة اليها هنا وهي أن مابعد الإختبارات لايجب أن يشغل الطالب وأهله , نعلم أن مابعد الامتحانات خاصة لطلبة التوجيهي ستبدأ مرحلة أخرى من التعب والمعاناة والمطاردة للتقديم في جامعات وكليات وغيرها من مناحي الحياة حيث أن الثانوية ليست إلا عنق الزجاجة التي توصل الى خارج الزجاجة .. لكن التفكير فيما بعد الاختبارات علينا أن نؤجله الى حينه فتقسيم السنة الى مراحل هو الأولى .. مرحلة الدراسة فمرحلة الاختبار ثم مرحلة التقديم في الجامعات وغيرها وكل مرحلة لها وقتها , وهذا أشبه شيء بالزراعة التي ذكرتها في بداية المقال ( مرحلة الحرث وبذر الحبوب فمرحلة ظهور الزرع والسقيا ثم مرحلة الحصاد ودرس الحبوب ) ..

قد يرى البعض أنني كنت منظرا في هذا المقال ولكنها تجاربي وتجارب آخرين أحببت الإشارة اليها أتمنى أن يكون بها بعض فائدة لأبنائنا الطلاب ولأهاليهم ..
أسأل الله لجميع أبنائنا الطلاب النجاح في الاختبارات , والتوفيق للجميع ..



العميد الركن م/علي بن ضيف الله الزهراني
a-z@mail.net.sa
www.zahrani3li.blogspot.com
نشر بتاريخ 18-06-2010 ( صحيفة مكة الألكترونية )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق