من عجائب شعر الشقر
تتميز قصيدة شعر الشقر بأنها تتكون
من طرفين أو قسمين يطلق على الطرف الأول البدع و هو فرش للطرف الثاني والذي يطلق
عليه الردود ، وقد يكون قائل القصيدة كاملة شاعر واحد ويحتمل أن يقول الطرف الأول
(البدع ) شاعر ليرد عليه شاعر آخرفيكمل القصيدة بالطرف الثاني ( الردود ) ، ولا
تعتبر قصيدة الشقر كاملة إلا بوجود طرفيها البدع والردود ، وفي الردود ينبغي أن
تتطابق قوافي كل بيت أو محراف كما يطلق عليه من الردود مع قوافي أبيات (محاريف)
البدع ، وفي قصيدة الشقر ينبغي أن يلتزم الشعراء بالجناس أما جناس كامل أو ناقص
ويطلق عليه الشقر وهو أن تكون معاني قوافي الردود مختلفة عن معاني قوافي البدع رغم
تشابهها في اللفظ وفي المثال التالي بين الشاعرين الدكتور عبدالواحد الزهراني
وعبدالله البيضاني الزهراني نعطي الفكرة عن هذا فالشاعر عبدالواحد يقول في البدع :
و لو سكن وادي تهامة ( وراش ابوك )
فرد الشاعر البيضاني بقوله :
والله لشاهدت النمورة ( ورا شبوك )
يتضح لنا تطابق آخر البيتين مع
اختلاف المعنى بينهما فالبدع يتحدث عن أنه لو سكن أبوه في وادي راش بينما الآخر
يتحدث عن النمر داخل القفص.
يتميز شعراء الشقر بالقدرة على
استحضار الكلمات وصنع الشقر في قصائدهم فهناك بعض الشعراء ردوا بأبيات شقر جميع
الكلمات ومنها على سبيل المثال قول الشاعرعبدالله بن عيضة البيضاني الزهراني يتحدث
عن المطر:
على جبل منعا وعلى شدا ريته
ليرد عليه الشاعر صالح اللخمي
الزهراني بقوله عن علاج المريض بالحمية :
علاج بالمنعا وعلى ايش داريته
ومثال آخر بين الشاعرين أحمد الدرمحي
الزهراني و عبدالله الذبياني حيث يقول الدرمحي في البدع :
العسل ما يعجبه والسمن ما يعجبه
ليرد عليه الذبياني بقوله :
والعسل مايع جبه و السمن مايع جبه
فالبدع يتحدث الشاعرعن أن العسل
والسمن لا تعجب الشخص المعني بينما رد الذبياني يطلب احضار العسل السائل والسمن
السائل ، وغير هذه الكثير من الأمثلة لعل أشهرها قصيدة قديمة يتناقلها الناس كدليل
على قصائد الشقر لا يعرف قائلها حيث تتحدث القصيدة في البدع عن البندق واستخدامه
في جبهات القتال وصفوف الحرب بينما الردود يتكلم عن البن وسحقه وتجهيزه في المصافي
( الدلال ) للضيوف ، والقصيدة كما وردت البدع :
حي بندق ؛ حي بندق
صبحوا به ؛ صبحوا به
في مصافي ؛ في مصافي
الردود :
حي بن دق ؛ حي بن دق
صب حوبه ؛ صب حوبه
في مصافي ؛ في مصافي
قال ابن خُرمان :
استمعت مؤخرًا إلى قصيدة بين
الشاعرين أحمد بن علي الدرمحي الزهراني والدكتور إبراهيم بن محمد الشيخي الزهراني
بدعها الشاعر الدرمحي بقوله :
يا شيخي الخيل تجري في دمك في دمك
انا احسب انك بعد تجمح واثارك مريض
ربعك غدوا يشترون الخيل وشروا الدهم
ما كل من يشتري خيل يشا ركبها
هنا في البدع يتحدث الشاعر عن مشي
الخيل وطريقة جريها في دمك أي تدك الأرض بوقع متناسق ولعلنا نستحضر قول الشاعر
مالك بن حريم الهمداني :
وتَهدي بي الخيل المغيرةَ نَهدة
........ إذا صبرت صابت قوائمها معا
ثم يضيف الدرمحي أنه توقع أن الشيخي ممن يسارع لركوب الخيل وإذا
به لا يزال في تأني وهدوء بينما سارع جماعته بالذهاب لشراء الخيل بل وابتاعوا
أجملها وأفضلها الخيول الدهم وهي كما نعرف
شديدة السواد ، وهذه قال عنها العرب أنها الأفضل بين جميع الخيول العربية الأصيلة
ووصفوها بالقول ( دهم الخيل ملوكها ) ، وقال عنترة :
يدعون عنتر والرماح كأنها ...... اشطان
بئر في لبان الأدهم
ويقول الشاعر اللخمي :
والخيول الدهم قبلي تراكض ريتها
ونعود إلى قصيدة الدرمحي حيث أضاف
البيت الأخير بالقول بأنه ليس كل من يشتري خيلاً يرغب ركوبها !!
لماذا يشترونها إذن ؟! فالمعنى في
بطن الشاعر والجواب عند الشيخي .!
وهنا ردود الشاعر الدكتور إبراهيم
الشيخي الجميل وفيه شقر جميع الكلمات فيما عدا المنادى عند توجيه القصيدة فقال :
يا درمحي الخيل تجري في دمك في دمك
انا احسب انك بعد تجمح واثارك مريض
ربعك غدوا يشترون الخيل ويش ردهم
ما كل من يشتري خيل يشارك بها
يقول الشيخي أن الخيل وحبها يجري في
دمك يا درمحي وكنت أظنك لا تزال في صحة وعافية لكن اكتشفنا مرضك , ثم يعود الشيخي
إلى إيضاح أن ربعك يا درمحي ذهبوا كذلك لشراء الخيل فما هو الذي منعهم عن الشراء
؟!
ولماذا عادوا بدونها ؟! وربما كان
البيت الأخير فيه إيضاح ذلك فليس كل من يشتري الخيل يشارك بها في السباقات .
قال ابن خُرمان :
شرحت ما بان لي من القصيدة أما المعنى
فيبقى في بطون الشعراء ولست بعالمٍ للغيب ، وقد أعجبني قول أحد شعراء الشقر في
ندوة حيث قال : ( يهمنا أن يبقى المعنى غير معروف إلا للشاعرين المعنيين ولا تصدق
الشاعر الذي يقول لك أن المعنى في محاورتنا هي كذا وكذا ، وإن أقسم على ذلك ) .
ختامًا :
أسأل الله لي ولكم التوفيق و إلى
اللقاء في موضوع قادم بإذن الله .
كتبه /
علي بن ضيف الله بن خُرمان الزهراني
الدمام
محرم 1446 هـ الموافق يوليو 2024 م .
.....
نشر في صحيفة النهار السعودية على
الرابط :
https://annahar-news.com/news/single/11714
ذكر لي الاستاذ حمدان العماري الزهراني نقلا عن الشاعر بدعر : أن قصيدة ( حي بندق ) قائل البدع الشاعر ابو شمال من النصباء اختبارا للشاعر محمد بدعر من قرية العنق في بداياته والرد كان من الشاعر بدعر رحمهما الله وهذا الحدث أثناء نزولهما من العقبة الى تهامة .
ردحذفالشاعر محمد بن مسفر ابو شمال من النصباء والشاعر محمد بن احمد بدعر من العنق رحمهما الله .
حذف