بسم الله الرحمن الرحيم
أطلق النقاد القدامى مقولة مفادها ( إن جريرا يغرف من بحر والفرزدق ينحت من صخر ) تبعاً لما تمتع به كل منهم في شعره من خصائص فالفرزدق يصنع الشعر صناعة بينما جرير امتاز بغزارة شعرية في انسيابية دون تكلف , وإذا حاولنا تطبيق هذه المقولة على شعراء العرضة الجنوبية نجد أن الشاعر ( عبدالله بن عيظه الهريري البيضاني الزهراني ) ينطبق عليه ما قيل في الشاعر جرير فهو يغرف من بحر الشعر فيأتي بالعجائب وغير المتوقع وبطريقة سهلة سلسة وأفكار متسلسلة .
تطرق الشاعر عبدالله البيضاني إلى عدد من القضايا وناقش بعض السلبيات في المجتمع محاولاً التنبيه إليها ومنها ما أشار إليه في القصيدة التالية حيث يقول :
هذا زمان القهر والهم ياذياب
شي يحز الصدر ويبكي العيون
قال ابن خُرمان:
يظهر الشاعر حزنه وتألمه مما يحدث في هذا العصر الذي أسماه زمان القهر والهم الذي يحز في النفس وتبكي العيون فينزل دمع الرجال الذين يصعب بكاؤهم .. ثم يشرح سبب هذا فيقول :
والله لشاهدت النمورة ورا شبوك
يقسم الشاعر أنه شاهد النمور داخل الأقفاص يتفرج عليها الناس بعد أن كانت متوحشة لا تعيش إلا في البرية ولا تقبل الضيم أو الإسترقاق بل ينطبق عليها قول الشاعر :
كم ليث مات وهيبته في عظامه ... تجفل ولا تاطا ثراه البهايم
ويواصل شاعرنا البيضاني شرح هذا الأمر المحزن الذي رآه فيقول:
ذيكاية ماكانت تقارب ولا تنصادي
ذيكاية اسم إشارة بلهجة ابناء المنطقة المقصود تلك النمور .. لم يكن أحد يجروء من الاقتراب منها أو صيدها في الزمن الماضي إلا أنها الآن خضعت للخدم يربطونها بالسلاسل والحبال فيقول :
واليوم قرت للخدم يكتفونها
قال ابن خُرمان :
هذه معاناة الشاعر التي شرحها في قصيدته يشير إلى تبدل المفاهيم في هذا الزمن فمن كانوا في المقدمة من بيوت الجاه والشجاعة والكرم والذين كانت الناس تتبعهم وتستشير برأيهم بل تصدر عنه أصبحوا في عصر المادة لا يرى لهم دور ولا كلمة مسموعة واستأثر الغوغاء وطلاب الشهرة بالصدارة عنهم .. إلا أننا نقول لشاعرنا المفوه ما قاله زميله الشاعر الفصيح قديما :
لا تعجبوا أن تروني بين أظهركم ...... أمشي ويركب قوم ما هم أحد
لئن علا السادة الأحرار سفلتها ...... إن الغثاء ليعلو الماء والزبدا
أو قول الآخر:
فإن تكن الأيام فينا تبدلت ..... ببؤس ونعمى والحوادث تفعل
فما لينت منا قناة صليبة ..... ولا ذللتنا للتي ليس تجمل
القصيدة كاملة :
هذا زمان القهر والهم ياذياب
شي يحز الصدر ويبكي العيون
والله لشاهدت النمورة ورا شبوك
ذيكاية ماكانت تقارب ولا تنصادي
واليوم قرت للخدم يكتفونها
وأخيراً أتمنى أن أكون وفقت فيما كتبت عن الشاعر والقصيدة .. وإلى اللقاء في موضوع آخر بإذن الله .
كتبه /ابن خُرمان
علي بن ضيف الله الزهراني
الدمام 1434 هـ
....................
نشر في صحيفة الفنون الاخبارية على الرابط :
http://www.alfnoon.net/articles.php?action=show&id=792
أطلق النقاد القدامى مقولة مفادها ( إن جريرا يغرف من بحر والفرزدق ينحت من صخر ) تبعاً لما تمتع به كل منهم في شعره من خصائص فالفرزدق يصنع الشعر صناعة بينما جرير امتاز بغزارة شعرية في انسيابية دون تكلف , وإذا حاولنا تطبيق هذه المقولة على شعراء العرضة الجنوبية نجد أن الشاعر ( عبدالله بن عيظه الهريري البيضاني الزهراني ) ينطبق عليه ما قيل في الشاعر جرير فهو يغرف من بحر الشعر فيأتي بالعجائب وغير المتوقع وبطريقة سهلة سلسة وأفكار متسلسلة .
تطرق الشاعر عبدالله البيضاني إلى عدد من القضايا وناقش بعض السلبيات في المجتمع محاولاً التنبيه إليها ومنها ما أشار إليه في القصيدة التالية حيث يقول :
هذا زمان القهر والهم ياذياب
شي يحز الصدر ويبكي العيون
قال ابن خُرمان:
يظهر الشاعر حزنه وتألمه مما يحدث في هذا العصر الذي أسماه زمان القهر والهم الذي يحز في النفس وتبكي العيون فينزل دمع الرجال الذين يصعب بكاؤهم .. ثم يشرح سبب هذا فيقول :
والله لشاهدت النمورة ورا شبوك
يقسم الشاعر أنه شاهد النمور داخل الأقفاص يتفرج عليها الناس بعد أن كانت متوحشة لا تعيش إلا في البرية ولا تقبل الضيم أو الإسترقاق بل ينطبق عليها قول الشاعر :
كم ليث مات وهيبته في عظامه ... تجفل ولا تاطا ثراه البهايم
ويواصل شاعرنا البيضاني شرح هذا الأمر المحزن الذي رآه فيقول:
ذيكاية ماكانت تقارب ولا تنصادي
ذيكاية اسم إشارة بلهجة ابناء المنطقة المقصود تلك النمور .. لم يكن أحد يجروء من الاقتراب منها أو صيدها في الزمن الماضي إلا أنها الآن خضعت للخدم يربطونها بالسلاسل والحبال فيقول :
واليوم قرت للخدم يكتفونها
قال ابن خُرمان :
هذه معاناة الشاعر التي شرحها في قصيدته يشير إلى تبدل المفاهيم في هذا الزمن فمن كانوا في المقدمة من بيوت الجاه والشجاعة والكرم والذين كانت الناس تتبعهم وتستشير برأيهم بل تصدر عنه أصبحوا في عصر المادة لا يرى لهم دور ولا كلمة مسموعة واستأثر الغوغاء وطلاب الشهرة بالصدارة عنهم .. إلا أننا نقول لشاعرنا المفوه ما قاله زميله الشاعر الفصيح قديما :
لا تعجبوا أن تروني بين أظهركم ...... أمشي ويركب قوم ما هم أحد
لئن علا السادة الأحرار سفلتها ...... إن الغثاء ليعلو الماء والزبدا
أو قول الآخر:
فإن تكن الأيام فينا تبدلت ..... ببؤس ونعمى والحوادث تفعل
فما لينت منا قناة صليبة ..... ولا ذللتنا للتي ليس تجمل
القصيدة كاملة :
هذا زمان القهر والهم ياذياب
شي يحز الصدر ويبكي العيون
والله لشاهدت النمورة ورا شبوك
ذيكاية ماكانت تقارب ولا تنصادي
واليوم قرت للخدم يكتفونها
وأخيراً أتمنى أن أكون وفقت فيما كتبت عن الشاعر والقصيدة .. وإلى اللقاء في موضوع آخر بإذن الله .
كتبه /ابن خُرمان
علي بن ضيف الله الزهراني
الدمام 1434 هـ
....................
نشر في صحيفة الفنون الاخبارية على الرابط :
http://www.alfnoon.net/articles.php?action=show&id=792
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق