بسم الله الرحمن الرحيم
ليلة العيد ..
ليلة الفرح والسرور ..
ليلة الاحتفالات ..
الليلة التي كان ينتظرها الجميع بعد صوم شهر كامل ..
الليلة التي يجتمع فيها الأقارب والأصدقاء بعد طول غياب ..
ليلة لم الشمل .. لم تكن كذلك ..!!
كانت لدينا ليلة الألم المغموس بالدموع .. بالآهات والحسرة .. !
ليلة الحزن .. ليلة الفراق ..!
ليلة زيارة ملك الموت لنا ..!
اختطفت المنية تلك الليلة شابا في بداية الشباب .. !
كان كغيره يحلم بالعيد ..!
يحلم بالفرحة ..!
يستعد للإحتفال ..!
يجهز الملابس لصلاة العيد ..!
يقابل هذا .. ويضحك مع هذا .. !
لم تدم تلك الفرحة طويلا ..!
حادث سيارة على غفلة يأتي على كل فرحة كانت ..!
ممدوح بن عبدالله بن سليم رحمه الله .. كان ذلك الشاب الخلوق المتميز عن الكل في الطيبة وحسن الطوية ..
رحمك الله ياممدوح ورحم أموات المسلمين ..
من أعزي فيك ياممدوح ..؟!
هل أعزي أمك المكلومة الثكلى التي ماكادت تلتئم جروحها بفقد أبيك حتى حفر فقدك أعماق قلبها ..؟!
هل أعزي إخوتك وعمك وأبناء عمك ..؟!
هل أعزي فيك الأقارب والأصدقاء ..؟!
هل أعزي ذلك المسجد الذي كنت تحرص كما بلغني ألا يأخذك نوم نهار رمضان عن صلاة الظهر مع الجماعة خلافا لأغلب الشباب في سنك ..؟
هل أعزي فيك ذلك المصحف الذي كنت تحرص على قراءته يوميا في رمضان ..؟
هل أعزي ذلك الركن في المسجد الذي كنت تحرص على الجلوس فيه لقراءة القرآن ..؟
هل أعزي ذلك العامل الذي كان يشكو الي فقدك بحسرة حيث كنت حريصا على الجلوس معه والاستماع الى شجونه ..؟
إنني أعزي فيك الجميع بدءا بنفسي ..!
رحمك الله ياممدوح ..!
كم هو صادق الشاعر حين قال :
العيد عايد لامحالة على الناس ..... لكن من العايد على العيد منا ؟!
نعم تتكرر الأعياد عيد بعد عيد .. سنة بعد سنة .. لكن .. من العايد على العيد .؟؟!!
آآآآآه آآآآآآه كم هي الدنيا خادعة ..!!
وكم نغفل عنها ..!!
يصعب على الانسان ايجاد الكلمات للتعبير عما يختلج في القلب ..ويعجز الفكر مع شدة الحزن والألم أن يجمع شتاته ..!
...............
قد يكون من المفيد أن أنقل مقال علي غرسان في جريدة عكاظ ليوم الأحد 8 شوال 1430 هـ الموافق 27 سبتمبر 2009م في العدد ( 3024 ) على الرابط : http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...0927306476.htm
( العيد وقلب موازين الفرح ) :
العيد .. عاد لنا تحت وطأة الأحزان, نتقاسم فيه سويا النوازل, في عزاء نتماسك فيه بالأيدي صبرا واحتسابا, نتقابل ونتعايش لأن الوقفة في الأتراح خير وأبقى في النفس من تلك في الأفراح. لم نبك لكون البكاء ترجمة وجدانية لمشاعر داخلية فقط بل سنبكي لأن الدموع باتت لغة التواصل عشية العيد بعد أن حولت تلك الحوادث المرورية أعيادنا إلى مأتم فخلال ساعات ليلة العيد الكئيبة علي تلقت فواجع لا يمكن للذاكرة اختزالها, طفلة من قريتي رحلت في فرحة العيد وفتاة أخرى أسلمت روحها للبارئ عشية العيد. كانتا تحلمان كما كنا نحلم بعيد الأفراح ربما بلعبة طفولية جديدة ترسم على محياها البسمة وبفستان بهي في كسوة العيد الجديدة كانت تلك أحلام وردية, وكانت أحلامنا أيضا أحلاما سرابية سرعان ما تلاشت واندثرت. في تلك الليلة تلقيت خبر موت طالبي ((ممدوح عبدالله سليم)) الذي كان يترقب فرحة حصوله على شهادة الثانوية هذا العام لكن فرحته لم تكتمل فخيم علينا الحزن بجلبابه الأسود وطلع علينا العيد في ثوب الحوادث المرورية المأساوية, تخطفتهم جميعا تلك المركبات وحوادث السير الأليمة ..وفي صبيحة العيد وعندما كنت أتحامل على أحزاني كانت فاجعة أخرى بل قاصمة الظهر والله رحيل صديق وموت أخ عزيز في مكة المكرمة. كان معي طوال ثماني سنوات في الأعياد يهاتفني .. يراسلني .. ويبعث بكل عبارات التهاني من بديع كلماته التي كان يجيد حبكها لكن هاتفه صمت وصوته توقف ليلة العيد. فغاب عني وغابت بسمته وبهجته في العيد ورحل ليتركني في الحزن وحيدا لا دموعي عليه تكفي ولا صوتي المبحوح يصل إلى مسامعه فقد مات صالح بن عبدالله الذبياني ذلك الرجل المفكر الخلوق في حادث مروري اليم, كان رجلا بقبيلة بل شمعة تحترق لتضيء للآخرين طريقا لكنه ذبل سريعا ورحل عنا دون وداع.
ربما لست وحدي من بكى وحزن واتكأ إلى همومه وأتراحه فها هو المتنبي شاكيا باكيا في يوم عيده وكأنما يصور أيامنا:
عيد.. بأية حال عدت يا عيد .. بما مضى أم لأمر فيك تجديد
من أين نفرح ونحن نواري الثرى أحبابنا ومن أين نفرح وقد عم الحزن عيدنا، وانقلبت أفراحنا أتراحا، من أين نفرح وقد استبدلنا الليل الحالك السواد بنهار أشد سوادا وعتمة بتلك الفواجع المؤلمة.
واااااا عيداه ..!! كيف لك أن تقلب هذه الفرائحية إلى أحزان مؤلمة..!!
واااا عيدااااه ..!!كيف انقلبت موازين القوى لديك وأصررت على أن نتبادل العزاء بدلا من التهاني ..؟!.
إن أبكيتنا يا عيد فقد أبكيت خلقا كثيرا، وإن أحزنتنا يا عيد فتلك سنن كونية يجريها الخالق كيف يشاء وما أنت سوى سبب ..إن أبكيتنا يا عيد فهذا لأن الله سخرك لتحزننا وتختبر صبرنا، وقوة عزائمنا, سنتصابر يا عيد ونوكل أمرنا إلى من ليس لنا رب سواه ..أما أنت يا عيد فستمر علينا كما مرت أيامك السابقة، لكن الفرق الوحيد أن كل أيامك الفرائحية نسيناها بينما أنت ستخلد في ذاكرتنا البائسة المحطمة المنهكة التي لم تعد تتحمل صدمات الحياة التي تداعت علينا كما تداعت الأكلة إلى قصعتها, (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون).
علي بن غرسان
.............
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق