ازفر لمن حبه معي
بسم الله الرحمن الرحيم
يتميز الشعر المنظوم على طرق الجبل في منطقة الباحة بأنه شعر الحب والغزل وتميز فيه عدد من الشعراء قديماً لعل أبرزهم الشاعر أحمد بن جبران الزهراني رحمه الله تعالى , وقد اختفى هذا النوع من الشعر للأسف وربما يعود السبب إلى انتهاء الظروف الملائمة لقوله والتغني به , فلم يعد هناك رعاة في أودية وجبال المنطقة حتى يتردد صدى أصواتهم بالغناء في تلك الأماكن, ولم يعد الناس يهتمون بالزراعة وسقي المزارع بالسواني ليساعدهم الغناء في إنجاز أعمالهم .!
قال ابن خُرمان: وجدت في أوراقي القديمة قصيدة اختلف الرواة في قائلها , منهم من قال أنها للشاعر محمد بن ثامرة الزهراني رحمه الله , ومن قال أنها للشاعر سالم الفديم الزهراني رحمه الله , ومنهم من قال غير ذلك .. وفي الأسطر التالية نلقي نظرة على هذه القصيدة الجميلة حيث افتتحها الشاعر بالقول ( ازفر ) فهو يشعر المستمع إلى معاناته التي أدت إلى هذه الزفرات وليس هذا بالغريب في الشعر العربي أن يتحدث الشاعر عن الزفرات من معاناته فالجواهري يقول :
ولي زفرة لا يوسع القلب ردها ..
ويقول المجنون :
ولي زفرة تعلو إذا ماذكرتها ..
ولنعد إلى قول شاعرنا، شاعر طرق الجبل الذي نحن بصدده لعلنا نعرف سبب هذه الزفرات:
ازفر لمن حبه معي ونحن وراريع
لا غدا عنا ورا ريع
قال ابن خُرمان: هنا اتضح السبب فقد تذكر الشاعر حبيبته التي تعلقها منذ الطفولة فكلمة ( وراريع ) يقصد بهاا الطفولة , وياله من حب ذلك الذي يتمكن من القلب والوجدان والذكريات منذ الطفولة لا يغيب عن البال .. ويضيف الشاعر أنه لم يكن هناك من يشك فيهما حين ذاك فلا يزالان أطفالاً في عيون الآخرين ..
ولا بعد فينا من العربان ظنة
كلنا ورعان جنة
ويزيد الشاعر إيضاح الحالة بأن الحبيبة حينها لم تبرز نهودها بعد , وهو كذلك لم تظهر علامات الرجولة في وجهه بعد فلم ينبت الشعر في عوارضه أو شاربه :
وهو بعد مابانت نهوده على الباب
وانا لا عرض ولا اشناب
قال ابن خُرمان : يذكرنا الشاعر هنا بقول المجنون :
تعلقت ليلى وهي غرٌ صغيرةٌ ... ولم يبد للأتراب من ثديها حجم
صغيرين نرعى البهم , ياليت أننا ... إلى الآن لم نكبر ولم تكبر البهم
ويواصل شاعرنا , شاعر طرق الجبل ايضاح صورة ذلك الحب الذي يتالي زفراته كلما تذكره , فيقول أنهما تعاهدا على دوام الحب بينهما حتى الموت لا يخون أحدهما الآخر فيقول:
والعهد والميثاق ما بيني وبينه
لي تفنى عيني وعينه
على الوفا ماهو على لاش اعتهدنا
قال ابن خرمان : يعيدنا شعراء طرق الجبل إلى الحب العذري فنتذكر بمثل هذه القصيدة قصائد وقصص شعرائه فالأبيات الأخيرة من القصيدة تعيد للأذهان قصيدة جميل بثينة التي قال ضمن أبياتها :
وإني لأرضى ، من بُثينة َ، بالّذي ..... لو أبصره الواشي، لقرت بلابله
بلا، وبألاّ أستطيعَ، وبالمُنى ، ......... وبالوعدِ حتى يسأم الوعد آمله
وبالنظرة العجلى ، وبالحول تنقضي.......... أواخرُه، لا نلتقي، وأوائِله
..
رحم الله شعراء خلدوا لنا أجمل القصص ونظموا أجمل القصائد ..
وأترك القارئ مع القصيدة :
ازفر لمن حبه معي ونحن وراريع
لا غدا عنا ورا ريع
ولا بعد فينا من العربان ظنة
كلنا ورعان جنة
وهو بعد مابانت نهوده على الباب
وانا لا عرض ولا اشناب
والعهد والميثاق ما بيني وبينه
لي تفنى عيني وعينه
على الوفا ماهو على لاش اعتهدنا
..
وهنا القصيدة يغنيها الشاعر عيدان بن علي الكناني الزهراني بصوت جميل :
دونه /
علي بن ضيف الله بن خرمان الزهراني
الدمام
25 جماد الأول 1439 هـ الموافق 11 فبراير 2018 م
علي بن ضيف الله بن خرمان الزهراني
الدمام
25 جماد الأول 1439 هـ الموافق 11 فبراير 2018 م
.................
https://www.facebook.com/zahrani3li/posts/10212303305641225