بسم الله الرحمن الرحيم
طرفي الزهوقا
قال شاعر الحب العباس بن الأحنف :
قال شاعر الحب العباس بن الأحنف :
قلبي الى ماضرني داعي ... يكثر أسقامي وأوجاعي
كيف احتراسي من عدوي إذا ... كان عدوي بين أضلاعي
قال ابن خُرمان :
تكلمنا في موضوعات سابقة عن التشابه الكبير بين شعراء الحب في العصرين الأموي والعباسي كالشاعر عمر بن أبي ربيعة أو العباس بن الأحنف رحمهما الله وبين شاعر الحب الجنوبي أحمد بن جبران الزهراني رحمه الله مع اختلاف نوعية الشعر من الفصيح الذي يقوله إبن أبي ربيعة والعباس إلى طرق الجبل الشعبي وعلى طريقة الشقر في منطقة السروات .
قرأت في ديوان ( أحمد بن جبران ) الذي جمعه الأستاذ ( محمد بن زيّاد الزهراني ) القصيدة التالية التي لفتت إنتباهي :
قال احمد ام جبران ياطرفي الزهوقا
كم نهيتك ما تنهويت
لكن ما انت العيب قلبي بؤرة العيب
انت ما هلا رسولا
يرسلك لانه من ورى الأضلاع وازي
عادة ابن جبران في معظم قصائده يبدؤها ب ( قال احمد ام جبران ) و ( ام ) هنا كما هو معروف تستخدم في المنطقة الجنوبية وبعض مناطق الجزيرة العربية بديلاً عن ( إبن ) ، ثم يستكمل الشاعر قوله باختيار الموضوع وهنا ركز على ( الطرف ) أو النظر لكنه أضاف صفة ( الزهوقا ) له وهو الذي يتجاوز إلى أكثر من المطلوب النظر إليه مما يسبب الآلام .!
وهذا عمر بن أبي ربيعه اشتكى قبله من هذا فقال :
نظرت إليها بالمحصب من منى ... ولي نظر لولا التحرج عارم
وكذلك العباس يقول:
لا يضمر السوء إن طال الجلوس به ... عف الضمير ولكن فاسق النظر
قال ابن خُرمان : ثم يواصل شاعرنا أحمد ام جبران معاتباً نظره مبدياً أنه سبق له زجره ونهيانه مرات كثيرة دون طائل فلا زال مستمراً في تجاوزه فقال:
كم نهيتك ما تنهويت
ثم يستدرك إبن جبران ليوضح السبب في هذه التجاوزات من طرفه قائلا:
لكن ما انت العيب قلبي بؤرة العيب
هذه المشكلة وأس السبب وبؤرة العيب هو القلب .!
قال ابن خُرمان:
عجيب جداً إختيار إبن جبران لكلمة ( بؤرة ) وهو المركز أو الأساس فلم أجد فيما سمعت أو قرأت من الشعر الجنوبي الشعبي على أي لحن أو طرق من سبقه لإستخدام هذه الكلمة .!
وبعد أن كشف الشاعر بؤرة العيب هاهو يوضح أن النظر ( ما هلا ) أي ليس إلا رسولا للقلب فيقول:
انت ما هلا رسولا
قال ابن خُرمان:
كأن شاعرنا يعيدنا للمناظرة التي أوردها الشاعر قديما بين القلب والعين حيث وردت الأبيات التالية:
يقول قلبي لطرفي إن بكا جزعا ... تبكي وأنت الذي حملتني الوجعا
فقال طرفي له فيما يعاتبه ... بل أنت حملتني الآمال والطمعا
إلا أن شاعرنا إبن جبران في ختام قصيدته يقف مع النظر ملقياً اللوم على القلب الذي يرسل النظر وهو متستر خلف الأضلاع مؤكداً قول العباس الذي ورد سابقاً:
قلبي الى ماضرني داعي ... يكثر أسقامي وأوجاعي
كيف احتراسي من عدوي إذا ... كان عدوي بين أضلاعي
فيقول ابن جبران :
يرسلك لانه من ورى الأضلاع وازي
رحم الله أحمد بن جبران الشاعر الذي تناقل الرواة بعض قصائده وتغني بها المحبون وكانت أصوات غناء الرعاة والسوّاق والمتجولين في سفوح جبال المنطقة وأوديتها تصدح بها يتردد صداها في جنباتها بطرق ( لحن ) الجبل الشجي والذي بكل أسف لم يعد يجيده إلا قلة قليلة.
والله المستعان.
كتبه /
علي بن ضيف الله بن خُرمان الزهراني
الدمام
الأربعاء ١٥ ربيع الثاني ١٤٣٦ هـ
٤ فبراير ٢٠١٥ م
....
( الرسمة من قوقل ).
.............................................
http://www.alfnoon.net/articles.php?action=show&id=861